عبدالمحسن بن علي المطلق
وما قد تُمنى به من عوارٍ.. يبلغ بها شططًا، بالذات من له هوى!، أو حتى بحال من يظن أن التي بلغه هو الصواب..
وإليكم مثال ليتضح «المراد» من هذا المقال:
ما ذكره الباحث [أبو صهيب خالد الحايك]، فبعد ذكره عما {اشتهر من مقولةٍ عند العلماء للإمام أحمد -رحمهم الله:
«ثلاثة لا أصل لها: التفسير والمغازي والملاحم».
فتناقلوه في كتبهم، واحتجوا به، إلا أن بعضهم لم ينقله بصورته الصحيحة، - لاحظوا (لم ينقلوه بصورة صحيحة)..
وإنما نقلوه من ذاكرتهم، فنقله الإمام ابن تيميّة في ((مقدمة أصول التفسير)) (ص28)، فقال: «ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثرُهُ كالمنقول في المغازي والملاحم؛ ولهذا قال الإمام أحمد: ثلاثةُ أمورٍ ليس لها إسناد: التفسيرُ، والملاحمُ، والمغازي، ويروى: ليس له أصلٌ، أي: إسنادٌ؛ لأن الغالبَ عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير، والشعبي، والزهري، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، ومَنْ بعدهم، كيحيى بن سعيد الأموي، والوليد بن مسلم، والواقدي ونحوهم في المغازي».
ونقلها الشيخ محمد الذهبي في كتابه ((التفسير والمفسرون))، فقال: «وقد نقل عن الإمام أحمد أنه قال: ثلاثة ليس لها أصل: التفسير والملاحم والمغازي». ثمّ بيّن مراد الإمام أحمد من ذلك، فقال: «ومراده من قوله هذا - كما نقل المحققين [كذا! والصواب: المحققون] من أتباعه - أن الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متصلة لا كما استظهره الأستاذ أحمد أمين حيث يقول: «وظاهر هذه الجملة أن الأحاديث التي وردت في التفسير لا أصل لها وليست بصحيحة، والظاهر - كما قال بعضهم - أنه يريد الأحاديث المرفوعة إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في التفسير. أما الأحاديث المنقولة عن الصحابة والتابعين فلا وجه لإنكارها، وقد اعترف هو نفسه ببعضها». وحيث يقول: «إنّ بعض العلماء أنكر هذا الباب بتاتاً، أعني أنه أنكر صحة ورود ما يروونه من هذا الباب، فقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: ثلاثة ليس لها أصل: التفسير والملاحم والمغازي». (ضحى الإسلام: 2/141، فجر الإسلام: ص245).
وقد ردّ عليه الشيخ الذهبي (1/47)، فقال: «نعم، ليس الأمر كما استظهره صاحب ضحى الإسلام وفجر الإسلام؛ لأنه مما لا شك فيه أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صحت عنه أحاديث في التفسير، والإمام أحمد نفسه معترف بها، فكيف يعقل أن الإمام أحمد يريد من عبارته السابقة نفي الصحة عن جميع الأحاديث المرفوعة على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في التفسير؟ وظني أن الأستاذ أراد بالبعض المذكور المحققين من أصحاب الإمام أحمد، غاية الأمر أنه حمل كلامهم على غير ما أرادوا فوقع في هذا الخطأ، والعجب أنه نقل عن الإتقان في هامش فجر الإسلام (ص245) ما استظهرناه من كلام المحققين من أتباع الإمام أحمد ..}، قام الباحث د.خالد الحايك حفظه الله -هنا- مصوّبًا، بهذا الإيضاح/
{{لو أن الشيخ الذهبي والإمام ابن تيمية وغيرهما نقلوا كلام الإمام أحمد على صورته الصحيحة لما احتجنا أن ندافع عن قوله، ولما احتج أعداء الإسلام ومن لف لفهم من المنتسبين للإسلام كأحمد أمين وغيره بهذه المقولة للإمام أحمد.
والمقولة الصحيحة للإمام أحمد رواها الإمام الخطيب في ((الجامع)) (2/162)، قال: أخبرنا أبو سعد الماليني، قال: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، قال: سمعت محمد بن سعيد الحرّاني، يقول: سمعت عبد الملك الميموني، يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((ثلاثة كُتب ليس لها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير))، وهذا إسنادٌ صحيحٌ رواته أئمة ثقات}}.
.. كما وهنا أسوق لكم - بالمناسبة - درسًا جليلاً وهو( تتبّع ما يقع به أعلام الأمة) حتى لو كان بحجم شيخ الإسلام ابن تيميمة رحمه الله!
دلالة أن لا أحد عند أهل السنّة والجماعة.. معصوم، وبالتالي فتصويب ما بدر منه، هو عندنا أولى لنا -كلنا-.. فأولى.