د. فهد بن علي العليان
يعرف كثيرون الأستاذ القدير (منصور بن عبدالعزيز الخضيري) حين كان يخرج عليهم على شاشة التلفاز سنوات طويلة يقرأ نشرات الأخبار، فنشأت العلاقة بين كثيرين وبينه من خلال هذه الواجهة التي كان (أبو عبدالعزيز) أحد أبرز روادها من ذلك الجيل الذي أجاد القراءة بلغة عربية سليمة دون الرجوع إلى مصححين قبل وأثناء أو بعد النشرة.
وقبل أيام ليست كثيرة، ونظراً لظروف الانتقال من منزل إلى آخر، بدأت أقلب أوراقي وملفاتي وكتبي؛ سعياً إلى ترتيب مكتبتي التي توزعت هنا وهناك، وفي أثناء ذلك وجدت بعض ملفات وصور وخطابات تجمعني بالأستاذ العزيز منصور الخضيري عندما كان وكيلاً للرئيس العام لرعاية الشباب لشؤون الشباب، ذلك أنه كان يقف ويساند كل الأنشطة والفعاليات الثقافية والشبابية التي تقيمها الأندية الرياضية. ولأنني خلال سنوات متعددة أشرف بشكل مباشر على برامج وأنشطة المسؤولية الاجتماعية بنادي الشباب بمدينة الرياض؛ فقد ربطتني به علاقة أخوية وعملية شاهدت خلالها مدى حرصه ومتابعته لكل الأنشطة والفعاليات التي نقيمها، ولا يكتفي بذلك بل إنه كان حريصاً على الحضور والمشاركة والتوجيه بدءاً بمسابقة حفظ القرآن الكريم التي حضر حفلها الختامي بحضور بعض أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العلماء، وكذلك الإفطار الرمضاني لأبناء جمعية (إنسان) حيث كان حريصاً على حضوره ومشاركة الأيتام إفطارهم، بالإضافة إلى مركز نادي الشباب الصيفي لذوي الإعاقة الذي حاول جاهداً تعميمه ليقام في كل الأندية، وكذلك أنشطة المعارض والمسابقات الثقافية المتنوعة داخل النادي.
خلال تلك السنوات، كنت قريباً منه بحكم وجودي في نادي الشباب، وكان هو - مشكوراً - قريباً من الجميع بحكم مسؤوليته؛ حيث يتواصل ويدعم ويشجع في كل شأن من شؤون الشباب، وإن نسيت فلا أنسى أنه - رعاه الله - أحسن الظن بي في أكثر مناسبة للمشاركة في مؤتمر أو ندوة علمية مما يخص شؤون الشباب، أو ترشيحي لأكون رئيساً للوفد الشبابي السعودي لزيارة كوريا عام 2009م، ثم إنه كان داعماً للمسابقة الثقافية للأندية الرياضية التي أقيمت بين الأندية بمشاركة بعض لاعبي كرة القدم، ثم إنني كنت في تلك الأوقات أتحين فرص اللقاء به؛ لأنني سأخرج مستفيداً من طريقة إدارته للحوارات في الاجتماعات الرسمية، وكذلك أستفيد من طرحه ولغته وأسلوبه وثقافته العالية في جوانب متعددة، وهو يقدم كل هذا بتواضع جم وأخلاق عالية رفيعة يلحظها كل المتعاملين معه.
أعترف أنني تأخرت في الكتابة عن (منصور بن عبدالعزيز الخضيري) الذي يسعدك بلقياه ومجالسته ومحاورته، وتكتمل البهجة والاستفادة حينما يكون بصحبة رفيق دربه مثقف الوطن الأستاذ (حمد القاضي) حينها يجودان بكل ماهو ماتع ومفيد من فوائد اللغة والأدب، إلا أنه يلزمك أن تكون حذراً من السهو والغفلة في الشأن اللغوي. وأنا، هنا، لست أكتب عن سيرة ومسيرة (أبو عبدالعزيز) إذ هي ممتدة وحافلة بإنجازات وعطاءات متنوعة في ميادين مختلفة خدمة للوطن عبر سنوات طويلة، إنما أردت أن أذكر (بعض) ما عرفته عنه خلال لقاءاتي معه في العمل الشبابي، متحدثاً عن أدبه الرفيع وتواضعه الكبير وثقافته العالية وحضوره الفاعل ودعمه اللامحدود لكثير من الأنشطة والفعاليات التي كانت تقع في دائرة مسؤوليته.
أشعر - حقيقة - أن حروفي لم تنته من الحديث عنه، لكن ما سبق كان إشارات تغني عن العبارات، والذين تعاملوا معه يدركون ذلك جيداً، ويعرفون أن ما كتبته يعد جزءاً يسيراً عن شخصه وشخصيته، وأرجو ألا يعتب محبوه لتقصيري في ذلك؛ فجميعنا نقدره ونحترمه، ونتذكر بكل سعادة تلك الأيام التي كان يخطو فيها إلى حيث يقام نشاط أو تكون مناسبة يسهم فيها بحضوره الجميل وعباراته الراقية.