ميسون أبو بكر
السياسة لعبة قذرة واليوم وسط كثير مما نعيشه وما انكشف من أوراقها وأسرارها ومخططاتها نعود لنيقن المؤامرة الكبيرة التي يعيشها العالم الذي هو ضحية لعبة خطرة وغامضة بأيدي ساسة هم أكثر خطرًا على البشرية من جنرالات الحرب.
ما قامت به أمريكا بعد قرار أوبك بلس والذي يقضي بخفض إنتاج النفط مليوني برميل يوميًا أغضب أمريكا بالرغم من أنه قرار عقلاني من قبل الحكومات التي قصدت به مصالح الشعوب، ومن حقها إدارة ثروتها النفطية والذي هو حق لدول أوبك، بغض النظر أنه لم يرق لأمريكا التي ارتفعت لهجة عدائها وسخطها وكالت التهم للمملكة العربية السعودية التي يحسب لها مشاركتها مع أوبك ذلك القرار التاريخي الذي لم يلتفت لرغبات أمريكا ولعبتها الانتخابية وادعاءاتها بنسب الأزمات التي يمر بها العالم تحت جناح القرار.
في فرنسا وليس بسبب خفض إنتاج النفط إنما بسبب الاحتجاجات الشعبية والإضراب عن العمل حدثت أزمة كبيرة ومستمرة لوقت كتابة مقالي هذا وأعيشها حاليًا وسط تواجدي فيها، فقد كلفني الأمر الوقوف في طابور مع المركبات لمدة أربع ساعات لملئ مركبتي بالوقود، وذلك بعد يوم كامل من البحث عن محطة وقود تعمل، في وضع إغلاق معظم محطات الوقود، وقد يصعب تخيل الأزمة في الشوارع وصفوف المركبات التي عرقلت السير وتلك التي تعود إدراجها بسبب عدم توفر بعص أنواع الوقود التي تناسب مركبة دون غيرها، ناهيك عن النزاعات في محطات الوقود وفض الشرطة للاشتباكات، ثم قبلها بأيام تعطل القطارات لساعات، وكل هذا ليس بسبب قرار الأوبك كما سبق وذكرت رغم محاولات أمريكا شيطنة القرار متغافلة عن استغلالها أزمة أوكرانيا ورفعها أسعار الغاز الذي يعتبر في أوروبا مصدرًا رئيسيًا للطاقة، وقد توضّحت مساعيها لإشعال فتيل الحرب في المنطقة والذي ربما تأخر عن مواعيد مخططاتها نتيجة ظروف كورونا والفترة الرئاسية للرئيس السابق ترامب الذي قلب الموازين وتغيرت الخطط.
لكل دولة مصالحها التي لا تقبل الهيمنة الخارجية أو الوصاية الأمريكية التي أصابها الهلع والجنون من سعي الدول والمملكة بوجه أخص لمصالح شعبها وتجسير علاقات دولية بوصلتها إفريقيا والصين وروسيا وغيرها.
كل الذي حاولت بعض الصحف المسيئة والقنوات المغرضة اتهام المملكة به لكسب سخط شعوبها ضدها باء بالفشل في ضوء ما نشط به الإعلام السعودي وأصحاب الخبرة والمعرفة والدراية وقدرتهم على صنع خطابات مؤثرة ولقاءات ناجحة تداولتها وسائل الإعلام الأمريكية، وسأظل أذكر مع كثيرين رد أمير الطاقة عبدالعزيز بن سلمان في مؤتمر صحافي تابعه العالم على مراسل رويترز بأنه لا يود الرد عليه لعدم مهنيته ولأنه ينشر معلومات غير صحيحة مستقاة من مصادر غير رسمية.
ريتشارد سبنسر مراسل صحيفة التايمز في الشرق الأوسط قال إن السعودية تقف مع نفسها « Saudi is siding with it self» وقد فعلت الشيء ذاته الثلاث والعشرين دولة التي شاركت في القرار والتي لم يردعها الغضب الأمريكي، ولعلها تعلمت من المواقف الأمريكية المتخاذلة حتى مع أقرب أصدقائها.
راقت لي تغريدة للمفكر السعودي تركي الحمد كتب فيها وهو يستعرض مقطعًا مصورًا لحال -الهوملس- في أمريكا (هذه ليست مدينة في دولة فاسدة من «العالم الثالث»، بل هو وسط مدينة لوس أنجلوس الأميركية).
يا ترى لو أن جزءًا من البلايين التي تنفق على أوكرانيا خصصت لمعالجة مشكلات الفقر والبطالة والإدمان داخل أميركا، أما كان ذلك أجدى من الإنفاق على حرب عبثية، أو البحث عن صراعات خارج الحدود؟ وسلامتكم..