نوف بنت عبدالله الحسين
بعد المقالة المئة في زاوية (فوّاحة) التي تشرَّفت أن نشرت في صحيفة الجزيرة، تمهّلت الخُطى هذه المرّة لأوسّع دائرة التجارب وأطيل النظر لأفق أعلى، وإذا بهذه الخُطى تقودني من حيث لا أحتسب لأجد نفسي في الطريق الذي صادفت فيه رئيس التحرير أ. خالد المالك، على أثر منتدى الإعلام العربي المقام في دبي، هناك بدأت ألتقط الشذرة الأولى لهذا المقال، ومن خلاله عزمت العودة مرّة أخرى، فالحياة تهدينا هدايا تجمعنا بقامات الفكر وأساتذة المعنى، هُنا وجدتني أجمع الشذرات في طريقي للعودة إلى كتابة المقالات من جديد.
في شذرات سألتفت للخلف قليلاً وأمعن النظر للأمام أكثر، وسأحاول لملمة الخيوط المبعثرة وأعيد تفكيك المعاني الصلبة القاسية كالموت والمرض والحزن والفقد والخسارة والضياع، وأنير مصباحاً على المعاني الناعمة كالصحة والضحكة والحب والسعادة والضياء وحسن الظن والصبر والقناعة، ولأني عاشقة للعطر، فلا بد من عطر يتناغم مع لحظة عابرة ترصد للذاكرة قصة محببة فتستيقظ ذاكرة الروائح العبقة في غياهب الشعور، ولعلّي أطرب من كلمة أو معنى لأغنية أو بيت من قصيدة.
وسأطرح الأسئلة التي تراودني بين الحين والآخر، فماذا لو؟ وكيف؟ وهل؟ وكم؟ وما معنى؟ مفاتيح لمغاليق، وسأوغل قليلاً في البحث عن الإجابات المتعددة، وأتصفح معكم العبارات والآراء، ولربما أعدنا صياغة لإجابات جديدة، وابتكرنا معاني خاصة بقواميسنا.
هذه المرّة أكتب لكم بكل امتنان، وأحني حرفي لكم بكل تقدير، فعودتي من أجل أن أصافحكم هنا، وأن أخبركم بأني ما زلت أحب الكتابة كثيراً، وأحب مشاركة الرأي أكثر، ومقتنعة بأن تجربتي الأولى عام 2017 كانت البداية الخجلى لأن أقول لكم إن فوّاحة عبق جديد في الأفق، لكن الآن شذرات هي التقاطات مختلفة في المعنى والفكرة، وستكون رحلة جديدة في قراءات المواقف المتعددة في الحياة، وعبر اقتباسات ملهمة، وتسطيراً لمعنى أعمق عن جذور الأرض، وقطاف الثمر، سأكتب عن النجمة البعيدة وكيف يمكن الوصول إليها، وعن الطرقات الوعرة، ومدى طرق تحسينها، وعن أحوال الطقس وفرحة المطر، وعن الكيف وقهوة الكيف، وسأكتب عن المغارات والدهاليز المعقدة، وعن قصص المغامرات والدروس المستفادة.
سأحضر مبكراً، وأحجز مقعداً في الصف الأمامي، لأشاهد معكم (الشذرات) هنا في (صحيفة الجزيرة)، أعتذر فيه عن الغياب الطويل، وأعود معكم ككاتبة لزاوية، وقارئة لأحداث الحياة الضيّقة بعين واسعة المدى، فهل تعذرون غيابي الطويل، وترحبون بعودتي؟