في عالمنا المعاصر تسير البشرية نحو الهاوية بوتيرة متسارعة، والمفسدون في الأرض لم يكتفوا بنشر الإباحية في العالم، ويسعون من أجل نشر الشذوذ الجنسي في العالم، والضغط من أجل الاعتراف به كحق من حقوق الإنسان. وإن إباحة الشذوذ الجنسي تم التمهيد لها عبر الحملات التي رفعت شعارات تحرير المرأة ومساواتها بالرجل في جميع الحقوق، ومنها الحقوق الجنسية.
وانتشر الشذوذ الجنسي في العالم سبقه إعلان الحرب على الأسرة من خلال تمييع مفهومها، والترويج لمفهوم «الجندر» حيث تكمُن خطورة تعريفات الجندر في النظرة إلى الأنوثة والذكورة بالمعنى العضوي، منفصلة عن البنية النفسية والأدوار الاجتماعية للأفراد، وأن هذه الأدوار هي مفاهيم اجتماعية مكتسبة وليست لها علاقة بالطبيعة العضوية والفسيولوجية لكلا الجنسين.
دخلت هذه الظاهرة المجتمع العربي، من خلال قيام بعض الدول الأجنبية بالترويج لها من خلال الدعوة إلى الحرية وحقوق المرأة وحقوق المثليين «الشواذ» من ضمنها، فأصبحوا يدسون السم في الدسم. وقد بلغ صغر النفس بكثير من الناس إلى طلب حقوق الزواج للشواذ، الرجال بالرجال والنساء بالنساء حتى رفعوا أصواتهم في المجتمع العربي والإسلامي على اسم الحرية وحقوق الإنسان.
وإذا فرضنا جدلاً بأن الرغبة في الجنس المماثل حرية شخصية، وحقوق الإنسان وما يترتب عن ذلك من شيوع لهذه الظواهر المدمرة للاجتماع الإنساني، فبنفس المنطق يمكن أن نبرر الانتحار إذا كان ذلك برغبة الإنسان وبنفس مبررات الحرية والحقوق.
الرجال بالرجال والنساء بالنساء، هو شعار الشواذ، يسارع برد الجميل لأصحاب هذا الشعار، وتنتشر هذه الأصوات في العالم العربي والإسلامي، ولا يمثل الدفاع الشرس عن المثلية الجنسية والدعوة إلى تطبيعها دعوة إلى التسامح أو تفهم وضع المثليين، بل هو في أصله هجوم على الطبيعة البشرية، وليست ثورتهم إلا على طبيعتهم ذاتها، وليست حريتهم إلا إهدارا للحرية وإهدارا للحياة الطبيعية في لذة عقيم بلا ثمرة.
الشذوذ الجنسي فيه مخالفة صريحة للفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، يقول الله عز وجل {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَة اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (سورة الروم: 30).
إن قضية الشذوذ ليست قضية أخلاقية، وإنما هي قضية وجود وفناء، والمجتمع الذي يختار الشذوذ الجنسي سلوكاً يختار الانقراض في الوقت نهاية، ومن العجيب أن الذين ينتفضون للدفاع عن البيئة النظيفة، لكنهم في الوقت نفسه يحرصون على تسميم البيئة الاجتماعية بظواهر مسممة كالشذوذ، في انفصام شديد بالغ الخطورة، ويعبرون عن منتهى التخلف عن ركب التحضر والتمدن والحرص المرضي على إفساد الحياة الإنسانية.
هناك تساؤلات كثيرة تثير لمن يدافعون عن قضية الشذوذ باسم الحرية وحقوق الإنسان... هل انتهت المشكلات الإنسانية كلها في العالم، ولم يبق منها إلا ضمان تعاطي اللذة الشاذة لهؤلاء الشواذ، وضمان الاستمتاع بها في أجواء من الاحترام الواجب؟.. وهل من أجل هذه الطائفة من عبيد الشهوات ترتفع الأصوات التي تصرخ وتتباكي على حقوق الإنسان؟ هل يكون الإنسان إنساناً...؟ أو ينزل إلى درك الحيوان...؟
** **
merajjnu@gmail.com