د.فوزية أبو خالد
علينا أن نعرف أن المملكة العربية السعودية ليست حكومة فقط ولكنها دولة ومجتمع، وأنها وطن وشعب، وهي بذلك ليست مفردًا في معادلة أي مواجهة تهدد أمن شعبها وأرضها. وتفعيل هذه المعادلة والتمسك بها هو اليوم مصدر قوتنا أكثر من النفط الذي تجري منازعاتنا على قراراتنا السيادية بشأنه. وهذا المبدأ الأساسي في أهمية التلاحم بين كل أطياف القوى الاجتماعية وبين القيادة هو منبع من منابع المنعة الأولى بأشد من منابع النفط مجتمعة التي تجعل بلادنا قادرة على الوقوف بإباء على جبهة النفط وسواها وعلى الأداء العقلاني في إدارة هذه الأزمة المفتعلة تجاه المملكة باسم النفط على خلفية قرار منظمة الأوبك بلس تخفيض إنتاج النفط بمعدل مليوني برميل.. على الإدارة الديمقراطية أن تعلم أن أمريكا في علاقاتها الخارجية لا تتعامل مع كيانات تنفيذية منفردة ولكنها في تعاملها مع الحكومات تتعامل مع دول ومجتمعات لها بلاد تتكون من أرض وشعب وثقافة وقيم وتطلعات ومصالح وطنية عليا. وهذه المعادلة التي على الإدارة الأمريكية وضعها حجر أساس في علاقتها الدولية تعني أنه كما يحق لها أن لا تستنفد احتياطها من النفط الأمريكي على سبيل المثال الميداني الساخن في هذه الحالة بدافع بيئي كما تتذرع أو بدافع ادخار ثروتها النفطية لمصلحة المواطن الأمريكي ولكسب وده الانتخابي، فإن من حق سواها من بلاد الله أن تحمي مصالح دولها ومجتمعاتها. وهذا ببساطة هو ما فعلته المملكة العربية السعودية. ولم تفعل ذلك بقرار استفرادي بل فعلته بقرار إجماع ومن خلال منظمة دولية لها اعتبارها ولها وزنها وكلمتها في تمثيل دولها وشعوبها ومراعاة مصالحهم عبر العضوية في هذه المنظمة التي تضم 23 دولة بما فيها دول أوبك والدول العشر التي انضمت إليها عام 2016 بما صار يُعرف بأوبك بلس.
وفي ضوء ما تقدم نرى أن على أمريكا أن تعرف أن ما تمتع به من قوة اقتصادية وعسكرية وتقنية لا يبيح لها أن تستمر في استباحة أبسط قيم نظامها الدستورية من خلال ليس فقط ازدواجية المعايير بين ما تريده لدولتها وشعبها وبين ما تريده لدول أخرى وشعوبها. فأمريكا التي على مستوى المنطقة العربية زعزعت أمن الأرض ولوثت البيئة، دمرت دولاً وشردت شعوبًا برضاها وبدعمها من خلال تدخلها المباشر ومن خلال دولة الاستعمار الصهيوني الإسرائيلي ومن خلال إطلاق يد ميليشيات دولة النظام الطائفي الثيولوجي بإيران في دول عربية عدة.. عليها أن تفهم أن الاستمرار في توسيع دوائر الرعب أو تصدير الرعب لن يحل مشاكل نظامها الداخلية ولن ينصرها في المواجهة الروسية الأوكرانية كما لن يحررها من عقدة الخوف من الصين.
ولهذا فإنه لا حل لأمريكا إلا الذهاب إلى حل ما يسمى بدبلوماسية الطاقة عبر طاولة حوار عقلاني يقدر تعالق المصالح واستقلالها في الوقت نفسه ويعمل على الوصول إلى علاقة فوز مشترك.