«الجزيرة» - الاقتصاد:
من المرجح أن تتعامل شركات الكيماويات الخليجية بشكل جيد نسبياً مع الضغوط الحالية المتمثلة في زيادة أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف الطاقة. لذلك، في هذا التقرير تقوم وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» بتطبيق اختبار الضغط على المقاييس الائتمانية لشركات الكيماويات الخليجية تجاه زيادة أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف الطاقة، وترى بأنها تتمتع بقوة أكبر مقارنة نظيراتها الأوروبية الأكبر حجماً. إلى جانب الأوضاع الصحية في الميزانية العمومية بشكل عام، تستفيد شركات الكيماويات الإقليمية ذات الحجم الأكبر عموماً من الأسعار التنافسية المنخفضة للمواد الأولية في المنطقة، والتي تسعر بأسعار أقل بكثير من الأسعار الأوروبية، وفقاً لمؤشر الغاز الهولندي TTF، والذي تجاوز مؤقتاً حاجز 70 دولاراً أمريكياً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في منتصف أغسطس 2022، مقارنة بـ 25 دولاراً أمريكياً/مليون وحدة حرارية بريطانية في بداية يونيو 2022 و18 دولاراً أمريكياً/مليون وحدة حرارية بريطانية في نهاية عام 2021. من المفترض أن توفر القدرة التنافسية من حيث التكلفة، إضافة إلى اتفاقيات التوريد طويلة الأجل مع شركات النفط الوطنية في المنطقة، والتي تتمتع بإمكانية الوصول إلى احتياطيات كبيرة ووفيرة من النفط، المزيد من الوضوح حول التدفق النقدي في ظل المخاوف بشأن إمدادات الطاقة في مناطق أخرى.
مع ذلك، إن الضغوط التي نراها على شركات الكيماويات الخليجية تتشابه في باقي دول العالم. أدت التداعيات الجيوسياسية المتزايدة في أوروبا (مثل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، على سبيل المثال) وقيود جائحة كوفيد-19 التي استمرت لفترة طويلة في الصين إلى الضغط على سلاسل التوريد، وبالتالي إلى تراجع التوقعات بشأن النمو الاقتصادي العالمي، مع توقعات بزيادة أسعار الفائدة في العديد من الدول، بما في ذلك الدول الخليجية. على هذا النحو، تتوقع وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» يأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي بنسبة 3.1 % و2.4 % في عامي 2022 و2023، مقارنة بـ 6.1 % في عام 2021. إضافة إلى ذلك، نظراً للزيادة الأخيرة في أسعار الغاز الطبيعي - المادة الأولية الرئيسية لشركات الكيماويات في أوروبا والشرق الأوسط - فقد أثيرت تساؤلات حول مرونة شركات الكيماويات.
نرى بأن شركات الكيماويات الأوروبية أكثر عرضة لمثل هذه المخاطر من نظيراتها الخليجية، لهذا السبب، قمنا بإجراء تغييرات مختلفة على حيثيات التصنيف الائتماني للعديد من شركات الكيماويات الأوروبية في أغسطس 2022، بما في ذلك الشركات الرائدة مثل باسف (A-1/سلبية/A) بسبب ارتفاع مخاطر الأعمال. لقد أدى ارتفاع أسعار الغاز والتهديدات التي تتعرض لها توريدات الغاز الطبيعي، والذي لا يُستخدم فقط لتوليد الكهرباء والبخار، ولكنه يستخدم أيضاً كمواد خام في سلاسل القيمة الكيميائية، إلى ظهور تحديات تشغيلية خطيرة في سلاسل التوريد (راجع «إجراءات تغييرات مختلفة على حيثيات التصنيف الائتماني للعديد من شركات الكيماويات الأوروبية نتيجةً للمخاطر التي تواجه إمدادات الغاز» المنشور في 1 أغسطس 2022).
من ناحية أخرى، إن الأسعار المرتفعة للسلع الأساسية (بما في ذلك الغاز الطبيعي) تعود بالفائدة على شركات السلع الخليجية، بما في ذلك الشركات التي نُصنفها وشركات الكيماويات المدرجة في البورصة. يتضح ذلك من خلال الأداء القوي نسبياً لهذه الشركات في عام 2021 ومرونتها النسبية في النصف الأول من عام 2022. بالنسبة للعام 2022 بأكمله، تشير توقعات السوق إلى الإجمالية لشركات الكيماويات المدرجة في البورصة إلى أنها ستواصل، في المتوسط، تحقيق هوامش الأرباح الصحية غير المعدلة قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين والتي تبلغ حوالي 30 %، مقارنة بما بين 34 % -35 % في عام 2021، على الرغم من التوقعات بتراجع الهوامش بعض الشيء هذا العام بسبب تفوق زيادات السعة العالمية على الطلب في بعض القطاعات وارتفاع مستويات المخزون (إجماع السوق وفقاً لبيانات «إس آند بي كابيتال أي كيو» كما في سبتمبر 2022). هذا يتماشى مع السيناريو الأساسي لدينا الخاص بهوامش الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين لشركات الكيماويات الخليجية المصنفة لدينا، والتي نرى بأنها تبلغ حوالي 30 % في عام 2022 على أساس المتوسط المرجح المعدل بحسب وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية». هذا يُترجم تقريباً إلى نسب تغطية صحية للغاية للفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين تزيد بوضوح عن 15 ضعفاً، بما يتناسب مع وضع مخاطر مالية بمستوى مخاطر متوسط على الأقل، وفقاً لحدود النسبة لدينا. على وجه الخصوص، جميع شركات الكيماويات الخليجية المصنفة لدينا حاصلة على تصنيفات ائتمانية من الدرجة الاستثمارية، أي درجة BBB أو أعلى، مع متوسط تغطية للفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين يتراوح ما بين 35-40 ضعف لعامي 2022 و2023.
لماذا نستخدم نسبة تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين؟
في هذا التقرير، ولتسهيل مقارنات الأقران، نركز على نسبة تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين لأنها من وجهة نظرنا توضح التأثير المباشر للعوامل التي نشدد عليها. ولتحديد تصنيفاتنا الائتمانية نستخدم أيضاً نسب رافعة أخرى مثل نسبة الدين إلى الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين ونسبة الأموال من العمليات إلى الديون، تحديداً في تقييم وضع المخاطر المالية لشركات الكيماويات، وعلى وجه الخصوص الشركات الحاصلة على تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية (مثل شركات الكيماويات الخليجية التي نُصنفها). مع ذلك، نستخدم مقياس تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين لأنه يعكس بسرعة تأثير ارتفاع تكاليف الاقتراض وضغوط التكلفة التضخمية. على الرغم من أن هذا ليس هو المحرك الرئيسي للتصنيفات الائتمانية لشركات الكيماويات، إلا أننا نستخدم التأثير على نسب تغطية الفوائد على الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين لتسليط الضوء على المخاطر على الربحية ومخاطر ارتفاع أسعار الفائدة وضغوط التكلفة التضخمية.
تجدر الإشارة إلى أن تحليلنا فيما يتعلق بشركات الكيماويات الخليجية المصنفة لدينا يظهر بشكل عام أن الزيادات في أسعار الفائدة تضغط على مقاييس الائتمان لدى هذه الشركات أكثر من ارتفاع تكاليف الطاقة، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أن معظم الديون بأسعار فائدة متغيرة، وأن أسعار المواد الأولية خُفضت بشكل كبير مقارنةً بأسعار السوق (ثابتة في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال). نقدر أن زيادة افتراضية في أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس، بموجب السيناريو الأقصى وليس السيناريو الأساسي لدينا، كل عام في العامين المقبلين، لن تحرك مقاييس تغطية المتوسط المرجح للفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين بما يكفي لخرق حدود المخاطر المالية. ويرجع ذلك أساساً إلى احتياجاتها المتوزعة على مدد مختلفة لإعادة التمويل ووضع السيولة الكافي لديها. وبالمثل، نقدر أن شركات الكيماويات الخليجية يمكنها تحمل ما يصل إلى 20 % من الانخفاض في الربحية (الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين)، والذي يمكن أن يكون نتيجة لزيادة أسعار المواد الخام والضغوط التضخمية على التكاليف، على سبيل المثال، مع عدم حدوث تراجع كبير في إجمالي مقاييس الائتمان.
احتياجات إعادة التمويل المستقبلية وتكاليف الاقتراض المتزايدة قد تؤدي إلى إضعاف الوضع الائتماني قليلاً تماشياً مع توقعات بارتفاع أسعار الإقراض في الدول الخليجية، بعد سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، نرى بأن الارتفاع يسير بمنحنى تصاعدي، ولكن بفوارق زمنية بسيطة. هنا، نقوم باختبار ضغط على الزيادات الإضافية في أسعار الفائدة وتأثيرها على مقاييس الائتمان لشركات الكيماويات الخليجية المدرجة وغير المصنفة والشركات الخليجية والدولية غير المصنفة. على وجه التحديد، ننظر إلى تأثير ارتفاع أسعار التمويل على نسب تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين، بالنظر إلى المساهمة العالية للديون ذات سعر الفائدة المتغير (60 % -65 %من إجمالي الدين، في المتوسط) وآجال الاستحقاق الكبيرة المقبلة (السندات والقروض المصرفية) البالغة حوالي 3.5-4.0 مليار دولار أمريكي في عام 2022 و4.5 -5.0 مليار دولار أمريكي في عام 2023 سنوياً، معظمها في المملكة العربية السعودية، بالنظر إلى استثمارات ومشاريع الإنتاج الكبيرة.
نشدد أيضاً على أن تأثير زيادة افتراضية في أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس، خلال عامي 2022 و2023، على الديون ذات سعر الفائدة المتغير لكل شركة، هو أكثر تحفظاً من افتراضات وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» بخصوص متوسط أسعار الفائدة الأمريكية البالغة 3.70 % لعامي 2023 و2024. ينظر تحليل الحساسية الخاص بنا إلى نسب الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين وتأثير زيادة بنسبة 5 % في المتوسط على أسعار الفائدة، ونحسب أن زيادة سعر الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس ستحافظ على نسب تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين تزيد عن 15 ضعفاً على أساس المتوسط المرجح. يشير تحليلنا إلى أن هذا لن يؤثر على المحفزات المالية للكيانات المصنفة لدينا.
إذا ألقينا نظرة على المحفظة الأوسع لشركات الكيماويات المدرجة في المنطقة، يُظهر تحليلنا أن زيادة مماثلة في أسعار الفائدة يمكن أن تؤدي إلى نسب تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين ينتج عنها فئات مختلفة من أوضاع المخاطر المالية، استناداً إلى السقف المحدد من قبلنا، لاسيما بالنسبة لشركات الكيماويات الصغيرة في المملكة العربية السعودية. استناداً إلى سيناريو الضغط الافتراضي الخاص بنا، نرى ضغوطاً ضئيلة على نسب تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين للكيانات الخليجية المصنفة لدينا، باستثناء الضغط المحتمل على نسبة تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين لشركة إيكويت للبتروكيماويات (A-2/إيجابية/BBB) في عام 2022. مع ذلك، لا نعتبر هذه النسبة كمقياس ائتماني رئيسي للتصنيف الائتماني، خاصة بالنظر إلى ميزة التكلفة التنافسية التي تدعم ربحية فوق المتوسط وتقلل من التقلبات. إن وضع المخاطر المالية لشركة إيكويت يتضمن بالفعل مصدراً للتقلبات أضعف من النسب الأساسية، والتي تعتبر ذات نسبة عالية. بالنسبة لشركات الكيماويات، فإننا ننظر بشكل رئيسي إلى النسب الأساسية مثل نسبة الأموال من العمليات إلى الديون ونسبة الدين إلى الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين، إضافة إلى توليد التدفق النقدي الحر، بدلاً من نسب الاسترداد، وهذا لأغراض توضيحية فقط في هذا التقرير. نتوقع أن تكون الشركات الأصغر حجماً وغير المتنوعة (عادةً الشركات التي تحقق تدفقات نقدية أو تولد أرباحًا قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين أضعف) في المتوسط أكثر تعرضاً لهذه العوامل الحساسة.
على الرغم من أن معظم الدين الإجمالي المترتب على شركات الكيماويات في المنطقة يتكون من ديون ذات أسعار فائدة متغيرة أو يتضمن عنصراً من تحركات أسعار الفائدة المتغيرة، فإننا نقدر على أساس المتوسط المرجح، أن الحدود المالية الإجمالية ستبقى دون تغيير إلى حد كبير، على الأقل بالنسبة للشركات الأكبر حجماً. هذا لأننا نرى منافع من نقطة انطلاق جيدة نسبياً بعد عام 2021، واحتياجات إعادة تمويل ذات جدول زمني متعدد، ومركز سيولة كافٍ. علاوة على ذلك، نعتقد أن الأسعار التنافسية المنخفضة والمستقرة للمواد الأولية قد دعمت الهوامش تاريخياً، وبالتالي كان لها دورٌ في مقاييس تغطية الفوائد على الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين.
إضافة إلى ذلك، لا يزال متوسط تكلفة الاقتراض لشركات الكيماويات الخليجية أكثر ملاءمة مما هو لدى نظيراتها الأوروبية، والذي إضافةً إلى تمتعها بمراكز سيولة صحية نسبياً، من شأنه أن يساعد في توفير هامش إضافي في حال حدوث المزيد من الارتفاع في أسعار الفائدة.