علي محمد إبراهيم الربدي

أقول وبالله التوفيق: لقد فقد أهل القصيم عامة والمجتمع الرياضي بالمنطقة خاصةً رجل المال والأعمال طارق بن علي العيدان -رحمه الله - الذي سلَّم روحه لبارئها ضحية دهس بين سيارتين.

والأستاذ طارق -عليه رحمة الله - من مواليد مدينة بريدة وولادته بالمنزل أي قبل استحداث مستشفى للولادة والذي افتتح مع بداية 1396هـ تقريباً وقد تكون ولادته عام 1389هـ .

درس المرحوم المرحلة الابتدائية بالمدرسة الفيصلية أول مدرسة تفتح بالمنطقة الوسطى بأمر من الملك عبدالعزيز -رحمه الله - عام 1356هـ والواقعة بالجهة المقابلة لبيتهم ويبعد عنها حوالي ثمانين متراً، ذلك البيت الذي هجر لسنوات طويلة نتيجة للنهضة العمرانية التي شهدتها مدينة بريدة وغيرها من مدن المملكة العربية السعودية بعد افتتاح البنك العقاري مع بداية عام 1395هـ، وأصبح السكان يملكون العمائر والفلل بعد بيوت الطين والبيوت الشعبية (بلك ومرابيع) وأصبحت تلك البيوت مهجورة وخاوية على عروشها والكثير منها تحول لمساكن يسكنها العمال الذين بدأوا يتوافدون للعمل بالمملكة العربية السعودية مع بداية عام 1396وهجر الكثير منها, ومنها بيت العيدان الذي تحول فيما بعد إلى متحف يرتاده سكان وزوار منطقة القصيم.

أكمل المرحوم تعليمه المتوسط بمتوسطة أبي عبيده ثاني متوسطة تفتتح بمدينة بريدة والتي فتحت عام 1387هـ بمبنى مستأجر شمال أول مبنى حكومي لبلدية بريدة والواقع على طريق الملك عبدالعزيز (الخبيب سابقاً) شمال غرب المقبرة الجنوبية والذي هدم بعد انتقال البلدية للمبنى الحكومي الثاني (الجديد) والمقام على أرضية جفر الحمد المكان الذي كان سكان بريدة يأخذون منه الطين لبناء مساكنهم الطينية.

هدم مبنى البلدية القديم ونفذ على أرضه مسجد الشيخ سلطان العرفج شمال محطة ضخ السيول الواقعة على طريق الملك عبدالعزيز غرب المقبرة الجنوبية المطلة على نفس الطريق.

وأكمل تعليمه الثانوي بثانوية بريدة الأولى والتي افتتحت في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز عام 1376هـ بتوجيه من وزير المعارف آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز والذي أصبح ملكاً للمملكة العربية السعودية من عام 1402 حتى وفاته عام 1426هـ - عليه رحمة الله.

والعيدان أهل علم وتجارة؛ فوالد المرحوم عرفته من طفولتي صاحب محل تجاري يبيع الملابس والمشالح الرجالية والغتر والفري والعصي بالسوق القديم (المجلس) أكبر وأقدم سوق تجاري بمدينة بريدة يزاول فيه الأهالي البيع والشراء والمداينات ومن أشهر تجار السوق المرحوم عبدالله محمد العجاجي والسادة إبراهيم الراشد الحميد وإخوانه الذين يملكون مصرف (بنك) الراشد الذي يتعامل مع الدول الخارجية والمدن الداخلية ومن تجار السوق الرقيبة واليحيى والشريدة والسيف ويباع في السوق الملابس والأحذية الرجالية والعود والطيب والفري والأواني والساعات وتزاول فيه الصرافة.

وكل الذين يتاجرون بالسوق من أهل البلد يفتحون محلاتهم من طلوع الشمس حتى أذان الظهر ومن بعد صلاة العصر حتى أذان المغرب يخلفهم على السوق إذا جاء الليل حراس أمن يستخدمون السرج لإنارة السوق ويظلون مستيقظين طوال الليل يرددون بين فترة وأخرى (صاحي) يعرفون بالنواطير ومفردها ناطور، يدفع لهم أصحاب المحلات راتباً شهرياً مقابل الحراسة.

ولا يزال السوق محتفظاً بمركزه التجاري الحيوي حتى يومنا هذا، ولكن حركته التجارية قلت عن الحركة السابقة.

ووالد المرحوم طارق هو الشيخ علي العيدان من التجار الذين يبيعون ويشترون بالسوق وقد اختص بتاأمين ملابس القسم المخصوص لطلاب المدارس أثناء العرض الرياضي في اليوم الختامي للعام الدراسي الذي تنفذه وزارة المعارف سنوياً بمدن المملكة نهاية كل عام دراسي، حيث توزع على طلاب المدارس المشتركين بالحفل ملابس رياضية (فنيلة وسروال وجزمة وشراب)، بالمجان تلبس أثناء الحفل الذي تشرف عليه إدارات التعليم برئاسة مدير المعارف بالمدينة وبرعاية أمير المدينة وحضور مدراء الإدارات الحكومية والأهالي نهاية كل عام.

ومن تجارهم عبدالله بن علي العيدان الأخ الأكبر للمرحوم طارق الذي اشتهر من عام 1397 حتى عام 1408 هـ بشراء الأراضي الكبيرة وفتح المساهمة فيها وتخطيطها ومن ثم بيعها ومن أفراد الأسرة الذين اشتهروا بالعلم الشيخ عبدالعزيز العبدالله العيدان الذي تقاعد معلماً من مدرسة طارق بن زياد الابتدائية ببريدة واشتهر بحفظ القرآن الكريم وحسن التلاوة وكان يؤم المصلين بمسجد العقيلي واشتهر بصوته الشذى وترتيل القرآن الكريم أثناء الصلاة وكان المصلون يأتون إليه من كل مكان للاستماع لتلاوته للآيات الكريمة في صلاة التراويح والقيام إعجاباً بتلاوته وبصوته الجهوري ولكنه ترك إمامة المسجد بعد إصابته بالتهابات بالحلق إثر على صوته -عليه رحمه الله - وهو أول من قرأ القرآن الكريم مرتلاً في الصلوات المفروضة وصلاة القيام والتهجد بمدينة بريده وكان السابقون يقرأون القرآن بطريقة الحدرا.

والعيدان رجال دولة عملوا موظفين فيها بكل أمانة وإخلاص تقلّدوا مناصب عليا وأخلصوا في عملهم لحكامهم ووطنهم مراقبين ربهم أعرف منهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه منهم المرحوم محمد الصالح العيدان الذي عمل موظفاً بمالية بريدة مديراً لإدارة المخصصات والمناخ وختم حياته مؤذناً بأحد المساجد شرق الرياض وإخوانه عبدالله (أبو خالد) وعلي الذين عملوا معلمين ومن ثم موظفين سابقين بالتعليم والمرحوم اللواء منصور العبدالله العيدان الذي عمل مديرًا لشرطة الرياض سنوات طويلة حتى بعد تقاعده وأخوه اللواء عبدالكريم الذي بدأ حياته العملية ضابطاً بمرور الرياض وظل يعمل بالسلك العسكري وبمرور الرياض، حتى تقاعد من منصب مساعد مدير عام المرور بالمملكة وبرتبة لواء، والذي يرجع إليه الفضل في حصولي على رخصة القيادة ومنهم المهندس الدكتور صالح العلي العيدان الذي ترأس عدداً من البلديات بمدن المملكة بدأها رئيساً لبلدية الحفر ثم لبلدية بريدة واختتمها رئيساً لبلدية الأحساء ومنهم الرجل الخلوق صاحب الفزعات الوجيه عبدالرحمن الصالح العيدان مدير الخطوط السعودية بالقصيم وحائل المسؤول المثالي والذي نهنئ به أنفسنا والخطوط السعودية والمواطنين. ومنهم المرحوم عثمان العيدان الذي الهمة معرفة التاريخ الغزوات والأحداث التي وقعت في نجد والعالم كان ملماً بها إلمام العاشق للتاريخ وكان أستاذاً للتاريخ ليس بالجامعة ولكنه دكتور في الشارع يستأنس عندما توجه إليه سؤالاً في التاريخ وقد يحاضر عليك أكثر من ساعة وهو واقف بالشارع ومعه البيالات والفناجين التي يتاجر فيها ويتكسب منها في حياته.

ومنهم المترجم عنه المرحوم طارق الذي عمل مديراً لإدارة بنك سامبا لفترة ليست بالقصيرة الذي يقابلك بابتسامة عريضة عندما تراجعه بالبنك ولا يمكن أن تخرج أنت وغيرك من البنك غير راضين عنه وعن عمله والذي ساهم بالحركة الرياضية بالمنطقة بتقلّده منصب نائب رئيس نادي التعاون الرياضي ببريدة لفترة ليست بالقصيرة.

وأسرة العيدان ذات حسب ونسب يرجعون بنسبهم إلى تميم، قدموا إلى بريدة من أشيقر وقيل من حريملاء قبل أربعمائة عام تقريباً واستقروا فيها وبنوا بيوتهم وسط بريدة وداخل أسوارها، نسال الله أن يرحم ميتهم ويسكنه فسيح جناته.

وعزاؤنا لأسرة الفقيد الأستاذ طارق العلي العيدان الذي ذهب ضحية لسرعة السيارات داخل المدينة ولأبنائه وإخوانه ولأهله وذويه، ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة إنه سميع مجيب والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.