المرء أحياناً يرصد ما يدور حوله في هذه الحياة الاجتماعية من كافة البشر وهم يمارسون شؤونهم الخاصة والعامة، ويلتقط ممارساتهم وأساليبهم الذاتية والشخصية من خلال تعاملهم مع الآخرين فإن هذه التصرفات تعد مسلسلاً فنياً نستشف منه صوراً ونماذج بشرية تعيش بيننا.. وما أكثرها، وما أخطرها! وهي مسكونة بالعيوب والأمراض النفسية والاجتماعية والإدارية من طمع واحتيال ومداهنة وتلوث وكذب ونفاق وادعاء وحقد وبيروقراطية ووساطة... وغيرها من العلل المستشرية فينا، وتنأى عن القيِّم والمثل الأخلاقية والدينية.
فالله سبحانه وتعالى خلق الخلق على درجات مختلفة متفاوته في بناء الجسم والعقل والفهم والإدراك فجعل منهم من هو سريع الفهم والإدراك لماح ذكي نفاذ مضاء يفهم ما يراد منه في مجال عمله بدون إشارة أو عبارة أو تلميح بدون تصريح أو تعابير الوجه وتقاطيعه فلا بد من الصبر وتحمل أذى الآخرين سواء بالحقد أو الظلم أو اللوم أو الإساءة فهي من أصعب الأمور على النَّفس البشرية قاطبة.
فقد قال نبي الرحمة محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه - إن الله رفيق يحب الرِّفق، ويعطي على الرِّفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه رواه مسلم. فإن النماذج متعددة الجوانب والملامح والأبعاد... تصرخ بإيجابياتها أو سلبياتها فالبعض منا يجهل أو يتجاهل دور أصحاب المهن المتعددة في المجتمع التي لها أهداف سامية بلا شك وجليلة وأن هذه الأعمال لا تنقطع ولم تعد هذه المهن مجرد تسلية أو ترف وإنما هي أعمال من ضمن الأعمال المهنية التي تقدم للبشرية كافة سواء بأجر مالي أو بدون أجر فالواجب على الذي يقدم هذه الخدمة المجتمعية أن يراعي المصداقية والأمانة والأخلاص أولاً فالمرء الذي يستفيد من هذه الخدمة فيجب عليه أن يراعي الأبجديات المتاحة فلا يكون هدفه الأول دفع المال مقابل الإساءة أو الإهانة أو التمايل والتمايز لمن يقدم هذه الخدمة - فالمرء يلاحظ هذه التصرفات غير الحضارية في عدة مواقع وأماكن - فالبعض من هؤلاء البشر مع الأسف الشديد أنهم لا يحسنون التعامل مع هؤلاء الفئة التي تقدم لهم الخدمة المهنية كأنهم غير بشر يعيشون على هذه الأرض المعمورة لكل قيمة أو خصلة حميدة في هذه الحياة ضد كريه... الفاصل بينهما شعره دقيقة لا يراها إلا الإنسان السوي فإن غابت عن بصيرته وقع في شراك هذا الضدد.
ومثال ذلك أن يتحول مفهوم الحرية إلى همجية وتسيب - والحرية حقوق وواجبات - والهمجية ضياع ولا مسؤولية - فالبعض يغالي من رجولته ويتطرف في خشونته فيصل به إلى حد الجلافة والجبروت مع الآخرين فالمبدعون من أصحاب المهن فهم مثابرون وأصحاب همم عالية وطموحات نبيلة مستمرة فقد أخذوا على أنفسهم عهداً دائماً يتحقق النجاح فإنهم يقيسون نجاحاتهم وتطويرهم في أعمالهم المهنية بالشهور والسنين إنهم يرون في كل يوم أثر جهودهم وأعمالهم ويلمسون في كل يوم وفي كل أسبوع نجاحاً وتطوراً جديداً لأنهم يستغلون أوقاتهم فيها أحسن استغلال إنهم لا يترددون بها ويحسنون الاستفادة من كافة الإمكانات فالواجب على كل إنسان منا أن يعامل هذه الشريحة من الناس بالعدل والمساواة والإحسان والاحترام والتقدير، فتجد البعض من أولئك يكثر من الطلب من الاستفزاز والتسلط بشتى الكلمات النابية والجارحة ولا يتنازل عن أي هفوة أو زلة سواء بقصد أو غير قصد من قبل هؤلاء الأفراد الذين يقدمون الخدمة المهنية.