رمضان جريدي العنزي
أصحاب المثالية الزائفة يقولون ما لا يفعلون، ويتصنعون عكس ما يعملون، رغم اكتشاف حقيقتهم بأنهم ليسوا مؤهلين لهذه المثالية أصلاً، وذلك بناء على طرق واستنتاجات واستكشافات عقلانية وحدسية، إن المثالية صفة إنسانية راقية ومحببة ومطلوبة، ينشدها البعض ويدعيها البعض الآخر، لكن ليس من ينشدها كمن يدعيها لأن من ينشدها أفعاله تسبق أقواله، بينما من يدعيها أقواله تسبق أفعاله التي لا يستطيع القيام بها فعلاً، إن المثالية مجرد كلام منمق ومزخرف، لكن صاحبها يسقط أمام أي تجربة بسيطة، أو اختبار واهن، إن أصحاب المثالية الزائفة لديهم علم مسبق بادعائهم المثالية القاصرة، لكن ولكونهم يعانون نفسياً أو لديهم قصور شخصي أو اجتماعي، لهذا يحاولون إكمال النقص بادعائهم المثالية الزائفة، إنهم يعيشون حياة التناقض بعيداً عن الواقع والمنطق، إن هوس المثالية لدى البعض ينتج أشخاصا واهنين ليس لهم المقدرة التامة على المشاركة الفعالة في رقي الحياة، إن صاحب المثالية الزائفة يصطنع الخيال ولا يعيش الواقع، كونه يلبس قناعاً يختلف عن الحقيقة، إن المثالية الزائفة التي يعيشها لن توصله إلى طريق النجاح والفلاح، ولن ترتقي به، ولن تأخذ بيده نحو تفاصيل الحياة الجميلة، لأنها أصبحت حجرة عذرة كبيرة، ومصداً عملاقاً أمام تطلعاته وتحقيق رغباته المنشودة، إن المثالية الزائفة عدو لدود مخيف تمنع أصحابها من المضي قدماً على دروب الفعالية الحقة، والمشاركة الاجتماعية الصادقة، وبناء النفس القويمة، إن الإنسان الواقعي والحقيقي لا يحتاج للاختباء وراء الأقنعة السميكة، ولا يحتاج للتظاهر بأنه شخصية كاملة، أو يحاول تقمص شخصية غير شخصيته الأصلية، فالإنسان الحقيقي يمتلك الثقة بالنفس، ولا يحاول الظهور بشخصية مغايرة، محاولاً إخفاء صراعاته الداخلية، كما أنه يتقبل مواجهة الجوانب الضعيفة في شخصية ويواجهها، ولا يخاف من إظهارها، بينما يستمر أصحاب المثالية الزائفة بالاختباء والخداع والتمثيل بغية إخفاء الأمراض الكامنة في نفوسهم، إن التبجح بالمثالية الزائفة مجرد هرطقة فكرية، وتنظير بائس، وما هي إلا مجرد ضرب من الخيال المريض، والهوس المقيت، تقهقر الحياة، وتنسف الواقع، ولا تضيف للإنسان والحياة شيئاً مجدياً ونافعاً.