د.حماد الثقفي
إن للعقل البشري أداة تحكُمهُ بمنطق عدل في حياته الإنسانية كافة ومعالجة تحدياته كافة التي طغت عليه النفعية دون تسييس أو أنانية، وهو ما أكدته الكلمة الصاخبة لخارجية المملكة لإبراز مواقفها دون محاولة طمس الحقائق وبما يخدم مصالح الدول كافة، دون الرضوخ للطلب الرسمي الأمريكي الذي كشف الأمريكان عنه بعقول سياسية لا ترى إلا مصالحها، على الرغم من أن السعودية تنظر لعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية من منظور إستراتيجي يخدم المصالح المشتركة للبلدين، فما كان من الداعي أن تُسيس قرار أوبك، وهي تعلم أن مصالحها وأوربا بل والعالم إقامة العلاقات وفق مرتكزات راسخة على مدى العقود الثمانية الماضية، عبر الاحترام المتبادل وتعزيز المصالح المشتركة، والإسهام الفعال في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ومكافحة الإرهاب والتطرف وتحقيق الازدهار والرخاء لشعوب المنطقة، لكن الأمريكان تعودوا على صيغة الأمر وعلى العالم التنفيذ.
هذا الزمن قد ولى وانتهى أمره فلكُل دولة سيادتها، كالسعودية التي لا تقبل الإملاءات وترفض أي تصرفات أو مساعٍ تهدف لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية، لذا كانت مخرجات اجتماعات أوبك بلس بتوافق الدول الأعضاء وليس بقرار سعودي فردي دون باقي الدول الأعضاء، وقد راعوا جميعاً وفق النظرة الاقتصادية توازن العرض والطلب في سوق الذهب الأسود النفطي، ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهو ما أوضحته حكومة المملكة من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأمريكية وأن جميع الدراسات والتحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر وفق الطلب (البايدني) ومصالح الانتخابات سيكون له تبعات اقتصادية سلبية حيال أوضاع السوق البترولية، وفقًا لما هو متعارف عليه من ممارسات مستقلة للمنظمات الدولية. حيثُ يُعتبر هذا الخفض للإنتاج الأخير لأوبك، هو الأكبر منذ جائحة كورونا، والثاني على التوالي للتحالف بعد أن خفّض الإنتاج بشكل رمزي بـ 100 ألف برميل يومياً باجتماع سبتمبر الماضي.
ولعل معالجة التحديات كافة خصوصًا الاقتصادية منها تتطلب إقامة حوار بناء غير مُسيّس، يقوم على أهمية الحوار وتبادل وجهات النظر، للعمل على ما يخدم مصالح العالم دون استثناء دولة منها، في احترام متبادل يُعزز الأمن الإنساني وحياته الكريمة التي كفلها له خالقُه، والإسهام الفعال في الحفاظ على أمنه وعالمه، لتحقيق الازدهار والرخاء للجميع.