نتذكر ببطولة الخليج العربي الرابعة عام 1976 في الدوحة تمكن المنتخب العراقي من الفوز على نظيره السعودي بسبعة أهداف مقابل هدف وحيد في مباراة عُدَّت نتيجتها طبيعية جداً ولا تستدعي أي غرابة وتعجب.. ليس لظروف المباراة بل للفارق الكبير بين تاريخ وإنجاز وإمكانات الفريقين ( العراقي والسعودي ).. قطعاً آنذاك كان العراق في المقدمة بكل شيء تقريباً.. بعدها بسنوات لم يعد المعبر الخليجي سهلاً فما أن دخلنا عقد الثمانينيات إلا والسعودية أصبحت منافساً قوياً بكل الألعاب وليس بكرة القدم فقط.. سنوات تعد بالأصابع حتى انتفض القائمون على الرياضة السعودية بقوة وخططوا ونجحوا في التربع على العرش الآسيوي ثلاث مرات والخليجي ثلاث مرات وبلغوا كأس العالم ست مرات وشاركوا ببطولات القارات ثلاث مرات عدا البطولات الفرعية والعربية والفئات السنية.. وما زالوا يشكلون رقماً آسيوياً وعربياً صعباً أصبحوا فيه من حاجزي بطاقة المونديال بلا نقاش كبقية المنتخبات الأربعة الأخرى ( اليابان وإيران وأستراليا وكوريا الجنوبية ).. قطعاً ذلك لم يحدث بالتمني والتهديد والوعيد والدعاء والمساندة الجماهيرية والصحفية فحسب..
بل إن مسؤولي المملكة وعوا تماماً أهمية الملف الرياضي في عالم اليوم وأولوه اهتماماً يليق بدوره المنشود وهيأوا البنية التحتية وعينوا.. ( وأؤكد هنا على أهمية هذه المفردة ) ( عينوا )... من هم أهلٌ للمواقع القيادية والمساندة وقدموا لهم كل الدعم اللازم المالي واللوجستي والبنيوي وفرضوا على الجميع احترام ومساندة بل وواجب التعاون مع المسؤولين الرياضيين لبلوغ مراحل وطنية عليا..
ثم بدا التخطيط العلمي بهدوء تام بلا شوشرة .. معتمدين على الكفاءات الوطنية ومستفيدين من الخبرات الأجنبية الاحترافية .. وأول شيء قاموا به هو الإيمان بالدوري القوي .. فاهتموا بالأندية السعودية على مستوى التعيين والقيادة ووضعوا الأسس السليمة من خلال البنية التحتية والدعم المالي وقبل كل شيء الرجل المناسب في المكان المناسب من أهل الاختصاص .. ليولد بعد سنوات دوري من أقوى دوريات آسيا والعرب حتى غدا اعتلاء أنديتهم منصات البطولات الآسيوية والعربية والإقيلمية شيئاً طبيعياً ينسجم مع ذلك التخطيط والعمل المهني والإخلاص الوظيفي ..
وفيما كانت الجماهير العربية والخليجية تحديداً لا تعرف من الأندية السعودية سوى : ( الهلال والعربي والنصر والاتفاق والشباب والاتحاد ...) أصبحت الآن كل الأندية تتصارع على تصدر الدوري والتنافس خارج حدود المملكة من خلال دوري ثابت بمشاركة ( 16 ) نعم ( 16 ) فريقاً فقط لا غير.. وفقاً لنظام هبوط وتأهل واضح ثابت محدد ببداية وانتهاء مريح لا يتعارض مع مشاركات المنتخبات الوطنية ولا يتقاطع معها.. وذلك كله يصب بصالح رفد المنتخبات الوطنية التي نعتقد أنها على منصات التتويج كتعبير ينسجم مع تلك الخطط والدعم والعمل..
لا ننسى الاهتمام بالفئات العمرية بكل معنى الفئات وفقاً لخبرة عالمية ونظام سيطرة وطني دقيق لا تعبر منه أي جزيئية إلا لضرورات مهمة ووفقاً لحاجة وطنية ملحة ومؤقتة .. من هنا وهناك بدا العمل ووضعت مؤهلات النجاح وتم التخطيط وانتقاء أهل الكرة.. وانتقلوا لمرحلة التطبيق التي وضعت العربة على السكة الصحيحة التي لن تحيد عن الهدف إطلاقاً وهي ماضية.. على طريق العالمية وليس القارية فحسب ..وهذا ما نسمعه ونراه ولا نسطره من الخيال ..
والله من وراء القصد وهو أرحم الراحمين.
** **
حسين الذكر - صحفي عراقي