خلال قراءتي لكتاب جان جاك روسو الاعترافات الذي شكل صدمة كبيرة لمحبي هذا الفيلسوف التنويري لما فيه من وقائع كتبها الفيلسوف عن مسيرته وقعت عيني على سطر مهم يتحدث فيه عن مسابقة تعنى بالموضوعات الفلسفية أقامتها فرنسا قديماً لم يعرف روسو إلا من خلالها بعد أن فاز بجائزتها وعرف في جميع أرجاء فرنسا ومن ثم توالت انتصاراته في الحقل الفلسفي دون توقف، ما دفعني إلى التركيز على تاريخ الجوائز الأدبية وأثرها على الحراك الثقافي في أوروبا بشكل عام.
أنت لا تعلم عزيزي القارئ بأن في بريطانيا سنوياً هنالك 115 جائزة أدبية على جميع الأصعدة والأجناس الأدبية وبأن لدى فرنسا أكثر من 40 جائزة سنوية ، لذلك من الطبيعي أن نرى الأعمال من هذه البلدتين أو عموم أوروبا بكم أن المواطن في الاتحاد الأوروبي يستطيع أن ينافس فيها أن يحضون بجائزة نوبل للأدب سنوياً، بل أن الشخصية الفائزة تكون معروفة لكثرة الجوائز التي حققتها وأخرها الروائية الفرنسية آني إيرنو والتي حققت جائزة نوبل 2022.
وعن العلاقة بين المؤلف والجائزة ستعلم بأن كثرتها وتفاوت قيمتها المادية التي تقدم للفائز يشكل أمان مالي مهم لأستقرار المؤلف تساعده على أن لا يبحث عن مصدر رزق غير كتابته ، كما أن الحكومات تدعم هذه النوع من الصناعات لما لها من أثر مهم في الحراك الاقتصادي والثقافي ، فالنرويج مثلاً تشتري ألف نسخة من عمل المؤلف الجديد وتشتري ألف وخمسمئة نسخة من عمل المؤلف الجديد أن كان يتعلق بأدب الطفل وشراء هذه النسخ الأولية يعد بمثابة دفعة قوية للمؤلف بأن يبقى في هذا الحقل وينشر أعمال أخرى.
الوضع في العالم العربي لا يبدو كما في أوروبا خصوصاً في هذا المجال فمجموع الجوائز في هذا العالم لا تتجاوز 70 جائزة من واحد وخمسين دولة عربية ، بل أن بعض الجوائز محتكرة على الجنسية الواحدة ولا يحق للمرء من دولة عربية أخرى المشاركة فيها.
** **
- إبراهيم المكرمي