الحياة وكل ما فيها؛ همٌّ ونكدٌ، كدٌّ وتعب، مشقة وصعاب، مشكلات واختبارات، آلام وأحزان، وما يصفو منها ما يلبث أن يتكدر، وهكذا هي الدنيا، ليس فيها من أوقات صفاء رائق إلا أوقات العبادة لله عز وجل، ومن منطلق هذه العبارة أنقل لكم قصة جميلة تُبين كيف باستطاعة الإنسان إسعاد أخيه الإنسان..
سألت الأخت المريضة: كم ورقة على الشجرة؟
فأجابت الأخت الكبرى: لماذا تسألين يا عزيزتي؟
أجابت الأخت المريضة: لأني أعلم أن أيامي ستنتهي مع وقوع آخر ورقة.!!
هنا ردت الأخت وهي تبتسم: إذاً سنستمتع بحياتنا ونفعل كل ما نريد حتى آخر ورقة من الشجرة، مرت الأيام تلو الأيام والطفلة المريضة تستمتع بحياتها مع أختها، تلهو وتلعب وتعيش أجمل طفولة.
تساقطت الأوراق تباعاً وبقيت ورقة واحدة وتلك المريضة تراقب من نافذتها كل ليلة هذه الورقة ظناً منها أنه في اليوم الذي ستسقط فيه الورقة ستنتهي حياتها بسبب مرضها.!! انقضى الخريف وبعده الشتاء ومرت السنة ولم تسقط الورقة والفتاة سعيدة مع أختها وقد بدأت تستعيد عافيتها من جديد حتى شفيت تماماً من مرضها..
استطاعت أخيراً أن تمشي بشكل طبيعي، فكان أول ما فعلته أنها ذهبت لترى معجزة الورقة التي لم تسقط عن الشجرة، فوجدتها ورقة شجيرة بلاستيكية مثبتة جيداً على الشجرة، وقد ثبتتها أختها حتى تعيش أجمل أيامها لآخر ورقة، فعادت إلى أختها مبتسمة بعدما أدركت ما فعلته أختها لأجلها.
أعرف بعض الناس لهم أيادٍ بيضاء ويملكون أيديَ حانية، تربت على أكتاف المحتاجين، وتجد انكسارهم عند حاجات الناس، وفي أوقات المصائب والآلام أول الحاضرين، ما أروع هؤلاء ذوو النفوس الطاهرة الذين يسعون دوماً في إدخال السرور على إخوانهم، فيسألون عن أحوالهم، ويسارعون في نجدة ملهوفهم، ومداواة مريضهم، وحل مشكلاتهم مهما كلفهم ذلك، تعباً في أجسادهم، وبذلاً من أموالهم، وشغلاً في أوقاتهم، رجاء بسمة سرور ورضا من هذا الحزين بعد زوال حزنه.
إنها سعادة غامرة ومشاعر جميلة يستشعرها الإنسان الجميل والرائع الذي يشعر بأن من واجبه إسعاد الآخرين، ومشاركتهم سعادتهم وأفراحهم وأحزانهم والتخفيف من آلامهم.. وهي سعادة لا يحس بها إلا الإنسان الطاهر النقي، الذي دوماً يرجو وجه ربه وسعيه الدؤوب في طرقات الخير المضيئة..
من كانت لديه القدرة والبصيرة فِي إدخال السرور على قلب أخيه المسلم فليفعل، فإن قضاء حوائج الناس يسهل الله به قضاء حوائجك من رب كريم، فالجزاء من جنس العمل، وعندما تساعد إنساناً على قضاء حاجته، فإنه يشعر بالأخوة والمحبة لك، وقد تجد سعادة لا تضاهيها سعادة عندما تكون سبباً في سعادة من تحب، وقمة السعادة وقمة الفرح أن تكون أنت مصدر فرح للآخرين، وترجو الأجر من الله عز وجل والتوفيق في الدنيا.
قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وكما في الحديث: (وخير الناس أنفعهم للناس)، وأيضاً كما قال صلى الله عليه وسلم: ( إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن, وأن يفرِّج عنه غمًّا، أو يقضي عنه دينًا، أو يطعمه من جوع ).
بثوا الأمل فِي قلوب أوشكت على الانهيار والانهزام في دنيا المتقلبات، ولنعلم أن إدخال السرور على الآخرين هو عبادة تتعبد بها الله عز وجل.