علي الخزيم
لو سألت شاباً بِسِن الزواج: لِمَ لَمْ تتزوَّج؟ فسيُعدل جلسته ويتوجّه بكل حواسه إليك استعداداً لجوابٍ, الحديث خلاله ذو شجون وتفرعات، وتعترضه مخارج وتداخلات، وستُعرِّجان بحديثكما على موضوعات لم تحسب لها حساباً لأنك حين سألت لم تكن داخل دائرة هموم راغبي الزواج العاجزين عن إدراكه للأسباب التي سيشرحها لك الشاب المعتدل أمامك؛ حيث فتحت له المجال ميسراً ليُسمعك محاضرة طالما أراد أن يلقيها على مسامع من يأمل أن ينقلها للآخرين, ومن المؤكد أنها ستتناول محاور هامة عند هذا الشاب وأمثاله يعيشون ذات الحالة، وأهمها لديهم الأمور الاقتصادية التي تبدأ بحجم المهر الذي لا يتحقق دون قروض وسُلف؛ والاستنجاد بالمساعدات من بعض الأقارب والأصدقاء، حان الآن الانتقال لمسألة توفير إيجار السكن الذي كلما تأخر الشاب عن الزواج ارتفع عمَّا كان عليه بالعام المنصرم وبما يعجز هو وغيره من الشباب من تفسيره حتى وإن أطالوا البحث والتقصّي حول آراء أصحاب الخبرة بالتسويق العقاري فثَمَّت عُقَد يستعصي حلها وتفسيرها لاسيما بالبحث عن سكن بالمدن الكبرى، تجاوز هذا وانتقل لمحور جديد ربما يكون المصاريف الشهرية المعتادة عند كل أسرة؛ فهنا لا بد من تحييد الأقساط المستحقة من المرتب الشهري وشيء قليل لسداد أحد المُقرضين من الأصدقاء فكل شهر سيسدد لأحدهم حسب الجدولة، أدخل بعدها - حفظك الله - إلى فواتير الخدمات وهذه مهما حاولت الاختصار والتوفير والتقليل من أرقامها فلن تفلح كثيراً، وإن نجحت شهراً فالموعد الذي بعده، وقلَّما تجد حَصِيفاً ينجو من هذه المعضلة إلَّا من ألهمه الله سبحانه قدرات خارقة بهذا الشأن، كل هذه المحاور والحسابات وغيرها تَجُول بذهن كل شاب يريد الزواج اليوم قبل الغد, لكن الحلول تبدو أمامه صعبة بغير (مبادرات وتنازلات وتجاوزات وربما تضحيات) غير أن الأقوال تريد أفعالاً جادة حاسمة.
حينذاك يجب على (العروسين وأسرتيهما) التحلّي بالشجاعة والواقعية لمواجهة مخرجات كافة المحاور السابقة وما يتعلق بها من روابط العادات غير الضرورية التي لا نتخلى عنها إنما تجبرنا على تجاوزها الظروف التي تحيط بهذا الشاب أو ذاك وإن لم يفعل فستُكبّله عن إتمام زواجه؛ وإن رضخ لها سيعيش عقوداً تحت وطأة الديون وشظف العيش وما يلازمه من نَكَد ومشكلات وخصومات وحالات من التوترات والمشاحنات لدرجة الملل المُفضي أحياناً إلى مآلات يكرهها كل إنسان عاقل ينشد الاستقرار الأُسري.
الشاب والشابة المُقبلان على الزواج يجب أن يدركا جيداً أن الزواج ميثاق غليظ مؤزر بالمودة والرحمة التي يجعلها الله بينهما وعليهما المحافظة عليها وتعزيزها بالعقلانية لاستدامتها وتكوين أسرة صالحة مستقرة، ومِن ثَمَّ فإن على الأهل الاجتهاد للبعد عن إطالة وزيادة تكاليف الزواج من مهر وحفلات متعددة قُبيل مراسم احتفالية الزواج الأخيرة، فكلها يمكن تجاوزها أو اختصارها عند البعض إلى الحدود الدنيا لتكون رمزية مُمَهّدة لإتمام الزواج السعيد لا لتَعَثُّره وإعاقته، بعض الأسر تريد اختصار التكاليف إذا كانت هي التي ستَدفَع؛ وبالحالة المُعاكسة تتذرع بحججٍ واهية دون قناعة صادقة بوجاهَتِها، الإنصاف والواقعية من أرقى معاني الشجاعة.