عبدالعزيز بن سعود المتعب
تمر الأيام والليالي من سنين العمر بحلوها ومرّها. فمن الناس - وبينهم بعض الشعراء المتميزين- من جُبلت نفسه على التفاؤل والتجدد والأمل بطاقة إيجابية تبعث على المتعة في قصيدة مبهرة ملؤها السعادة والبهجة بحيث لا يسمح شاعرها للذاكرة أن تفتح باب أحزان الماضي الذي ولَّى ولن يعود، فالشعراء المتميزون مهما أوتوا من رقّة المشاعر إلاّ أن دقتهم المتناهية في سبر أغوار عمق فلسفة جمال الحياة وأسرارها كما ينبغي جعلت من بعض محتوى قصائدهم نهج ارتباط وجداني خاص بكل صاحب إحساس عال ورقي متناه، يقول الشاعر الأمير خالد الفيصل:
ما فات خلّه ولا تهتم من باكر
واغنم من اليوم ما ساقت توافيقه
وفِي مكاشفة مفعمة بتصالح عبق جلي مع النفس ينسحب الشاعر سليمان بن حاذور- رحمه الله- من حياة «من كان يحبه» دون أي تبعات حزن وألم بتوثيق أسباب الواقع مبدياًَ بسمة أشبه بسخرية هادفة على أي آهة وهم بقوله:
ورى ما ذكرني يوم جاء للوفاء ميدان؟
لقى لذّة الدنيا وربعٍ يسلّونه!
بل إن من الشعراء من رأى سعادته تكمن في الفراق الذي كان باعثاً لسعادته كقرار مُقنع بتفاؤل الشعراء المعهود وحبهم لجمال الحياة الذي لا يقبل بتعبير مجازي قبح وجه العواطف المؤسفة من قبل الطرف الآخر بأي حال يقول الشاعر طلال السعيد:
راح الزمان اللّي لك القلب مفتوح
وارتاح قلبي من عذابٍ يعيقه
ومنهم من جعل الدمعة تحتار ويتقزَّم دورها أمام ضحكة مجلجلة تلغي كل صدى للحزن- في معمعة الألم- الذي لن يشفع لبقائه سبب أياً كانت الظروف ووطأتها بوجود الهمّة واستشراف الآتي من أقدار الزمان السعيدة.. تقول الشاعرة «أغاريد السعودية»:
تعاتبني الدمعة ومن ضحكتي تحتار
تقول الشقي وشلون يضحك وهو داري؟!
أمّا الشاعر العذب عناد المطيري -رحمه الله- فيجسّد مرحلة «البداية الحالمة الرومانسية» وما تخللها من وفاء متناهٍ وإيثار ثم ما آلت إليه محطات أقدارها لتفضي للنهاية ولكن «بلغة الكبار» بكل ثقة في نفسه وفي الطرف الآخر، بعيداً عن نمطية أكثر ما يطرحه سواه بقوله:
يا عذولي كل شيء وله نهايه
إبتدت قصة غرامي وانتهت
بالوفاء والحب كانت لي بدايه
لكن الأقدار ضدِّي وقّفت
وقفة
من قصائدي القديمة:
كان من حبّيت مرِّك ما يسلِّم
وهو الأقرب لك قبل ماضٍ يطوفي!
الحياة تعلِّم اللّي ما تعلَّم
لو تكابر كن عينك ما تشوفي
هذا هو الواقع نعيشه لا تألَّم
قبلنا.. ومن بعدنا لا مايروفي