رمضان جريدي العنزي
لأمريكا وجهان مختلفان ومتنافران، وجه حسن، ووجه آخر قبيح، لأمريكا حالات مثل حالات (الزار)، يبدأ بهدوء وسريالية، وينتهي بعنف وإغماءة، لأمريكا طقوس غريبة بعضها مفهوم، وبعضها الآخر يستعصي على الفهم، لأمريكا حالات مثل حالات الغيم، مرة يجيء أسودَ قاتماً، ومرة يجيء يسر الناظرين، لأمريكا مناخات مختلفة، مرة لها شمس وقمر ونجوم وريح خفيفة ورائحة عشب مبلل بالندى، ومرة لها حمى اشتهاء التخريب وحمى اشتهاء التدمير وحمى اشتهاء مواصلة القتل والإبادة والعبث، لأمريكا صفات، مرة ظالمة، ومرة مظلومة، ومرة شماعة يعلق عليها الآخرون أخطاءهم وذنوبهم، لأمريكا فكر سلطوي، وفكر استبدادي، وفكر سادي، وفكر تنويري تثقيفي حسب المصالح والمنافع والمكاسب.
أمريكا ليست جاهلة بثقافات الشعوب، وبيئات الشعوب، وعقائد الشعوب، وعادات الشعوب، ولها فهم جيد للشعوب وتراثها وعقائدها وتتماهى معها حسب الاشتهاء والرغبة، لأمريكا بشاعة ظلم، وبشاعة قهر، وبشاعة جبروت، وتعامل الآخرين كأنهم قصر، ليس لهم حق الاطمئنان الكامل، وحق القرار الكامل، وحق السيادة الكاملة، وتمنح ما تريد لما تريد، أمريكا سادية لا تأخذ برأي أحد، وتحاول الهيمنة على كل أحد، وتصنف الآخرين وفق إيديولوجيه معينة، بناءً على المصالح والمنافع، والمرابح والمكاسب.
إنني مندهش كغيري لما تفعله أمريكا، وتقوم به أمريكا، وتلعبه أمريكا، وتسير على نهجه أمريكا، هذا التناقض الذي تمارسه أمريكا بوضوح يعني شيئاً واحداً وهو: استبداد نوعي بامتياز، ومعاملة فوقية بامتياز، وديكتاتورية مخيفة بامتياز.
إن الفكر السلوكي المزدوج لأمريكا، يجب أن يتبدل ويتغير، ويجب أن تأخذ أمريكا في الحسبان المتغيرات والتطورات الفكرية، والاختلافات الثقافية والسلوكيات للشعوب، وأن تعرف أمريكا أن هذه الشعوب تمازجت فيها كل ألوان النسج العلمية والمعرفية والتراكمات الثقافية، مما أدى إلى سلسلة تحولات كبيرة في الفهم وفي الوعي والإدراك، وأصبحت هذه الشعوب تملك قدرة هائلة وعظيمة في التفاعل مع الأحداث والتبادلات والتحولات السريعة في عالم اليوم.
إن على أمريكا مراجعة الذات، وأن تمارس على نفسها نقداً قاسياً شديداً وعميقاً، لكافة سياساتها المزدوجة المعمول بها حالياً، وأن تصبح رمزاً للعدل والكرامة والإنسانية كما تدعي وتتفوه، بدلاً من (البلطجة) والقهر والاستبداد، وإن لم تكن معي فأنت ضدي.