إيمان الدبيّان
قبل أيام قليلة سمعنا ردوداً كثيرة تتصف بتعليقات بئيسة، وتجاوزات للحقائق صفيقة حول قضية شغلت اهتمام المنصفين، وكشفت طبيعة الحاسدين، وعرَّت ماهية عقلية بعض السياسيين الأمريكيين؛ أمّا ما هي القضية فلا يذهب ظنك عزيزي القاريء إلى شبه جزيرة القرم، ولا إلى ما يحصل في المسجد الأقصى من استباحة وهدم، ولا إلى تدخلات إيران وما تنفثه بين أنيابها من سُمٍّ، ولا إلى معتقلات غوانتانامو وما فيها من وحشية وظلم، ولا إلى كوارث أمريكا في حروبها من أخطاء بحق البشرية بلا رحمة ولا حلم، لا يا من تقرأ هنا فهذا يخدم مصالحهم ولا يقض مضاجعهم وإنما ردود فعلهم هي على القرار السعودي بخفض إنتاج البترول مع مطلع الشهر القادم إلى مليوني برميل يومياً، قرار مؤثر صنعته السعودية بموافقة جميع أعضاء منظمة أوبك بلس فقامت قيامتهم ولم تنم أعينهم، وتطاولت ألسنتهم وأولهم وليس آخرهم أحد النواب الأمريكيين خلال مقابلة هاتفية مع شبكة CNN الإخبارية مطالباً رئيسه بالقسوة مع السعوديين، وقطع إمدادات قطع غيار الطائرات، ومنع بيع طائرات بوينغ فالسعودية حسب كلامه هي قوة ثالثة وأمريكا هي أقوى دولة في العالم ..إلخ وللرد على ذلك أقول: أولاً: إن كنت تطلب من رئيسك يقسو علينا فنحن يقودنا شاب بعمر أحفاد رئيسك بإشراف من ملك عايش بداية تأسيس الدولة السعودية الثالثة على يد مؤسسها ومجموعة رجال لا يتجاوزون الستين رجلاً قبل أن يظهر البترول في وطننا، فبماذا تقسو مع دولة حكامها منذ مئات السنين وإلى اليوم لم يسمحوا بدخول الاستعمار ويعملون للخير والعمار، حكام من هذه الأرض أصولهم ولهذه الأرض هم وشعبهم يكون هدفهم ومصلحتهم خُلقنا متبوعين ولسنا تابعين؟!
ثانياً: أنتم لا تعطونا إمدادات أنتم تبيعون علينا وتقبضون الثمن باهظاً بالمليارات، فأنتم بحاجة أموالنا لبناء اقتصادكم الذي يتأخر عاماً بعد عام ولسنا بحاجة للطائرات وقطع الغيار فنحن قادرون على توفير البديل من دول أخرى كثيرة تتمنى منا فعل ذلك.
ثالثاً: المؤشرات والمخرجات وصناعة القرارات هي من تحدد أين قوة الدول وليس غيرها، فالسعودية التي تملك اقتصاداً قوياً رغم تدهور العالم اقتصادياً، وتملك واحداً من أكبر صناديق الاستثمار السيادية، وستكون ضمن الدول السبع المتميزة، وتحقق دائماً نجاحات استثنائية صناعية وتقنية وتحولات رقمية وبيئية بمدنها الجديدة وهيئاتها الفريدة وقفزات تنافسية عالمية وقبلها وبعدها تنعم بلُحمة وطنية بين الشعب والقيادة كل هذا اليسير من غيره الغزير يجعلنا نقول: نحن السعوديين قوة أخرى مختلفة بعزتنا بكرامتنا بعروبتنا بقبلتنا بقيادتنا بتحالفاتنا بصداقاتنا بالاهتمام بمصالحنا قبل أي مصلحة أخرى، نحن دولة لا تقبل بالخضوع ولا تستجيب لإملاءات القرارات والتوجهات من دولة أخرى أياً كانت هذه الدولة.
صناعة السعودية لقرار خفض إنتاج البترول الذي لم يكن لصالح أمريكا هو بالتأكيد لصالح السعودية ثم لمصالح العالم بشكل عام لتحقيق الاستدامة في الطاقة، القرار السعودي هو رسالة وجهها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من ضمن مجموعة رسائل رؤيتها خلق شرق أوسط قوي جديد ومحتواها أن مصالح المملكة تعلو ولا يعلى عليها.
السعودية اليوم تقول للعالم أجمع نحن دولة كل مصالح العالم مرتبطة بنا ولا يمكن أن يخرج قرارٌ دوليٌّ سليمٌ دون أن يتوافق ولا يتعارض مع مصالحنا، السعودية اليوم تقول للعالم نعم نحن من يقول لأمريكا وغيرها لا، إننا غير مسؤولين عن تراجع اقتصادهم ولا عن التضخم لديهم فهذه مسؤولية حكومتهم المنتخبة وليست مسؤولية السعودية المتطورة.
آن الأوان لوصول كلمتنا وموقفنا ونهضتنا وتاريخنا للبشرية فاسمع وشاهد أيها العالم ودوِّن معه أيها التاريخ لقادم الزمان بماذا وكيف نجح محمد بن سلمان.