الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، الحمد لله الذي له ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، الحمد لله في السراء والضراء، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
ففي يوم الثلاثاء 8 ربيع الأول 1444هـ الموافق 4 أكتوبر 2022م رحل عنا رجل الوفاء الشيخ عبد الله بن سعيد بن عبد الوهاب أبو ملحة عضو مجلس الشورى سابقاً، وبرحيله فقدت منطقة عسير بشكل خاص والوطن بشكل عام رمزاً من رموزه الأوفياء، وعَلماً من أعلامه، وابناً باراً من أبنائه المخلصين.
وبداية أتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة آل أبو ملحة كافة في وفاة فقيدها الغالي وفقيد الوطن الشيخ عبد الله بن سعيد أبو ملحة - رحمه الله - وأخص بالعزاء عميد الأسرة الوالد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أبو ملحة، وجميع إخوان الفقيد، اللواء عبد العزيز، الدكتور محمد، الأستاذ عبد الرحمن، الأستاذ طارق، الدكتور يزيد، الدكتور وليد، العميد عصام، الأستاذ سليمان، والأستاذ عمر وإلى أبنائه الأستاذ عبد العزيز، اللواء أسامة، الأستاذ سامي، الأستاذ عبد السلام، والأستاذ نبيل وإلى أفراد أسرته كافة، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يلهم أهله وأسرته الصبر والسلوان، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
لقد آلمنا خبر وفاته أشد الألم، وأحزننا فراقه حزناً شديداً - رحمه الله - حيث غادر هذه الدنيا الفانية إلى دار الخلد الباقية، بعد حياة كريمة حافلة بالعطاء، قضاها في خدمة الدين ثم القيادة الكريمة والوطن الغالي، فقد كان - رحمه الله - من أوائل المشاركين في صناعة التنمية في منطقة عسير، وساهم مساهمة فعّالة في العديد من الأعمال والإنجازات الإدارية والتنموية والاقتصادية والاجتماعية، والخيرية، حيث تولى عدداً من المناصب في إمارة منطقة عسير حقق خلالها العديد من الإنجازات لخدمة المنطقة وخدمة المجتمع، بعد ذلك عُيّن رئيساً لمجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بأبها. ومن نافلة القول أن نذكر بعض أعماله وبصماته التي لا تنسى فالشيخ عبد الله يعتبر من مؤسسي الغرفة التجارية الصناعية بأبها ومنشئ مقرها الذي بني على طراز معماري جميل يجمع بين الماضي والحاضر، وأسسها التأسيس الصحيح وفعّل أدوارها وطوّرها، مما جعلها من أفضل الغرف السعودية بالمملكة، وبعد أن قضى ما يربو على عشرين عاماً في خدمة الغرفة التجارية الصناعية بأبها عُيّن رئيساً لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، ولذلك طالب مؤسسو الغرفة بأبها ومجلس إدارتها تنصيب الشيخ عبد الله بن سعيد أبو ملحة رئيساً فخرياً لغرفة أبها مدى الحياة تقديراً لما قدمه من خدمات جليلة لتلك الغرفة بصفة خاصة ولمنطقة عسير بصفة عامة، وسميت أكبر قاعة بمركز الغرفة التجارية الصناعية بأبها باسمه.
لقد ساهم الشيخ عبد الله - رحمه الله - في الكثير من الأعمال والإنجازات التي يصعب حصرها، وقد قال عنه، في إحدى المناسبات، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز - أمير منطقة عسير آنذاك -: (... أتقدم لكل الحاضرين بالشكر والتقدير وللغرفة التجارية بأبها الامتنان لإتاحة الفرصة لي بالاحتفاء مع أبناء منطقة عسير بهذا الرجل الأخ الزميل العزيز عبد الله أبو ملحة على ما قدمه ويقدمه لمنطقته ووطنه،... فهو الذي وفاه جده لجدي ووالده لوالدي وهو معي وهو الذي ساهم في خدمة المنطقة وأسرته السعودية ولعلي لا أخفي سراً فلقد سعدت بزمالته في الإمارة والإدارة الأخرى بالمنطقة... ولقد قام بجهود من خلف الكواليس لخدمة بلده ومنطقته...).
ومن الجدير بالذكر أن الشيخ عبد الله شارك في العديد من اللجان والجمعيات والمجالس ومنها، عضو مجلس إدارة ومدير عام مؤسسة عسير للصحافة والنشر، عضو مجلس إدارة شركة كهرباء المنطقة الجنوبية، عضو مجلس إدارة أسمنت المنطقة الجنوبية، عضو مجلس منطقة عسير، عضو مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، عضو مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية، عضو الجمعية العمومية لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، عضو مجلس إدارة شركة الراجحي المصرفية للاستثمار، عضو مجلس إدارة الصندوق الخيري الوطني، مؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية العناية بالمقابر بمنطقة عسير (كرامة)، عضو مجلس الشورى في دورتيه الرابعة والخامسة، وغيرها.
فقد كان - رحمه الله - رجلاً قيادياً، حكيماً، صبوراً، عادلاً، يتميز بالجرأة في النقاش واتخاذ القرار، صريحاً في قول كلمة الحق جريئاً غير متردد، يتصف بالكرم والنبل والتواضع وسمو الأخلاق، بشوشاً صاحب نفس طيبة، اجتماعياً قريباً من الناس، سباقاً إلى فعل الخير ومبادراً في خدمة المجتمع.
ومن مواقفه الكثيرة وأعماله الإنسانية الجليلة التي تُذكر وتُستذكر حرصه الشديد على خدمة المجتمع والأعمال الخيرية .. كان - رحمه الله - عضداً وسنداً للأهالي في منطقة عسير، ومنهلاً استقى من خبراته الكثير ممن عملوا معه، فقد ساهم في ترجمة العديد من الأفكار إلى واقع عملي وإلى إنجازات ستظل شاهدة على عطائه وإخلاصه لوطنه ومنطقته.
فالشيخ عبد الله سليل أسرة كريمة لها تاريخها المشرّف والكبير مع المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - أثناء توحيد وبناء هذا الكيان الكبير، فقد كان لجده الشيخ عبد الوهاب أبو ملحة - رحمه الله - الدور الكبير في دعم ومؤازرة ومساندة المؤسس وسار على نهجه من بعده أبناؤه وأحفاده. ولقد قال صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - رحمه الله - في تسجيل صوتي: (... كل القبائل ما فيها قصور ولكن الشيخ عبد الوهاب أبو ملحة ومعه الشيخ سعيد بن مشيط كان لهما دور كبير في دعم الملك عبد العزيز وتأييده رحمهم الله جميعاً...).
لقد فقدنا شخصاً عزيزاً وغالياً علينا سوف يبقى حاضراً في قلوبنا ما حيينا وإن غاب عنا، فاللهم يا حي يا قيوم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، اللهم عامله بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله، اللهم جازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، اللهم إن كان محسناً فزد من حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم آنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته، اللهم أنزله منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين، اللهم أنزل على أهله الصبر والسلوان وأرضهم بقضائك، اللهم ثبتهم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويوم يقوم الأشهاد، اللهم صلي وسلم وبارك على حبيبنا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
** **
- اللواء المهندس الركن (م) د. عبد الله بن مشبب بن رحرح الشهراني