أيها المعلمون شكراً لكم.. شكراً لكم لأنكم معلمون.. شكراً لكم لاستثماركم وقتكم ومواهبكم في تدريس الطلاب بالرغم من توافر فرص أخرى لكم أقل جهداً وفيها راحة أكثر ودخل أكبر وظروف عمل أفضل واحترام أجَلّ من قبل فئات المجتمع..
شكراً لكم لموافقتكم على التعرض لاختبارات أكثر لقياس قدراتكم بالرغم من إكمالكم سنوات الدراسة الجامعية بما فيها من اختبارات.. وجهد.. وسهر وعمل..
شكراً لكم لاستمراركم في البحث عن المهارات عالية المستوى لتدريس طلابكم وتدريس المحتوى الأكثر حداثة كل عام وما يطلبه ذلك المحتوى من تطوير بعد تطوير بعد تطوير وما يتوقف على ذلك من متطلبات تقومون بها بنفس راضية.. ودون طلب وقت إضافي لتدريسها..
شكراً لكم لاستيقاظكم الساعة الخامسة صباحاً أو السادسة صباحاً كل يوم لتذهبوا إلى غرفة تتطلب جهداً كبيراً وعناية فائقة وفكراً عالياً وقد لا تكون ظروف الإضاءة والتكييف والتأثيث والتهوية بالمستوى المطلوب والمريح..
شكراً لكم لاضطراركم كل يوم تناول بعض الوجبات الملفوفة بالورق على كراسي متواضعة.. تجدون في أدوات تجهيز الأكل والشرب المتواضعة متعة.. ومعاملة جيدة وبذخاً.. شكراً لكم لصرفكم الوقت الطويل خارج مكان العمل في تصحيح أوراق طلابكم وتقييم مستوياتهم.. وتحضير دروسكم وحضوركم المؤتمرات والدورات التدريبية واجتماعات اللجان.. واجتماعات التطوير والتغيير.. ومجالس الآباء والمعلمين ومؤتمرات الآباء الخاصة بتطوير أبنائهم وبناتهم واجتماعات مجلس إدارة مدارسكم واجتماعات التطوير المستمر.. وكل ذلك خارج وقت عملكم..
شكراً لعملكم ساعات كثيرة لا تُعد ولا تحصى بدون بدل خارج دوام لشعوركم أن هذه هي الطريقة الوحيدة لإنجاز عملكم.. ولعدم قدرتكم على تحمل الإخفاق..
شكراً لكم لعدم تذكيركم الناس بشكل مستمر بأنكم لن تتركوا العمل والاجتهاد فيه وتحقيق الإنجاز إذا لم يدفع لكم بدل خارج دوام نظير ما تقومون به من أعمال وإعداد ليومكم المدرسي.
شكراً لكم لاحترامكم الدائم لطلابكم الذين لا يعرفون كيف يقدرون هذا الاحترام ولا ما يفعلون به، ولا يدركون قيمة الهدايا الدائمة القيمة (وتقصد تعليمهم وتنمية فكرهم) التي تقدمونها لهم..
شكراً لكم لاهتمامكم بطلاب لا تهتم بهم عائلاتهم ولا تشعرهم بالاهتمام.شكراً لكم لشراء الأقلام والأدوات التدريسية والملابس لمساعدة طلابكم ولظهوركم بالمظهر المناسب وأداء عملكم بالمستوى المطلوب وذلك من مالكم الخاص.. شكراً لكم لهروب النوم من عيونكم ليالي طويلة قلقين على نوع من الطلاب يجاهدون أنفسهم في سبيل التعلم، تفكرون في كيفية مساعدتهم.. خائفين عليهم مما سيعترض طريقهم في المستقبل من صعوبات الحياة ومشاكلها، محاولين إيجاد الطرق والأساليب التي تكفل لهم تخطيها..
شكراً لكم لاقتحامكم أماكن حفظ ملابس أبنائكم وبناتكم للبحث فيها عن حذاء أو ملبس لطفل أو لطالب في المدرسة يفتقر إليها.. شكراً لكم لتعليق احتياجات عائلاتكم، وبعضها ملح، لصرف الوقت مع عائلة ابن أو ابنة يعانيان من صعوبات التعلم تحاولون إيجاد السبيل لحل مشكلات تعلمهما.شكراً لكم لإيمانكم بقوة التعليم في إحداث التغيير في الحياة.. شكراً لكم لمحافظتكم على قناعاتكم بأن كل الطلاب يستطيعون التعلم إذا استطعتم أنتم كيف تعلمونهم..
شكراً لكم لتحملكم التعايش مع آلام الظهر ومع صرير الركب ومع السيقان المتعبة.. والأقدام المتورمة التي تلازم مجال التدريس الذي تعملون فيه..
شكراً لكم لشحن الأطفال اليائسين بالأمل الكافي ليستمروا في الكفاح ضد الفقر.. والسلوك المنحرف بكل أشكاله.. والممارسات اللا أخلاقية بأصنافها وأنواعها التي تشكل الحياة اليومية لكثير من الصغار الذين هم في أمس الحاجة لكم ولرعايتكم ولمتابعتكم ولنصحكم ولنجاحكم في إنقاذهم وتخليصهم والعبور بهم إلى مصاف الناجحين الآمنين المستقيمين..
شكراً لكم لكل لمسة حنان تغدقونها على طفل أو طفلة هو وهي أشد ما يكونان حاجة لها.. فقداها بسبب القدر.. أو أسباب أخرى دنيوية.. كان لها الأثر الأكبر على نجاحهما وتفوقهما وإنقاذهما من الغرق في بحر الكآبة واليأس.. شكراً لكم لتحجيم (قطع) ألسنتكم والعد إلى مليون وأنتم تسمعون ولي أمر يسرد لكم الأسباب في أن عدم قدرتكم وقلة إمكانياتكم وعدم بذلكم الجهد الكافي هي أسباب سوء سلوك ابنه أو ابنته.. وقلة أدبهم.. وسوء تحصيلهم.. ودلالهم وفشلهم.
شكراً لكم على واحدة من أكثر الوظائف تحدياً وإرباكا وتثبيطاً وإجهاداً ذهنياً ونفسياً وعاطفياً وواحدة من أكثر الوظائف رضاً ونفاسة وأهمية وروعة في العالم..
هذه الرسالة المؤثرة للمعلمين تكشف حجم المهام الجسام التي يتحملها المعلمون وتكشف حجم التقدير الذي يجب أن يحظوا به..
من الذي لم تدمع عينه عند قراءة بعض فقراتها.. تعاطفاً وحباً وإعجاباً وتقديراً لما يقوم به المعلمون والمعلمات.. وفقكم الله وسدد خطاكم أيها الأحبة المعلمون والمعلمات.
** **
- وكيل وزارة التعليم سابقاً وكيل جامعة الأعمال والتكنولوجيا للخدمات بجدة حالياً.