عندما يأخذ كل شيء موقعه الأصلي..
تركن النجوم أماكنها ويتكئ القمر في جوف السماء مختالا..
ويختبئ الجميع في أفكارهم ويلتحف الحزين حُزنه والسعيدُ سعادته وكل منا يذهب لمكانه الذي يأويه.
تأتي أنت في منتصف كل شيء متباهيا..!
«فارع» كل شيء يأتي من تحتك ويتلاشى..
تعصرُ الغيم.. وتسكبُ المطر..
وترسم خرائط الأرض على لوح السماء.
وتجعل من سرب الطيور المهاجرة منافع.
وتصف أكواب الضياء على الهواء توابع.
النهوض يحتاج يداً قوية عرقُها ثابت وكتفُها في السماء..
تقوم بك من معتركات الوساوس وسوء الظنون
تربت على صدرك حتى تثبت..
تقفز بك دون تردد.. تخوض معك الساحات والمساحات..
نهوضك بي أوقفني على أرضٍ صامطة.
صخرية لاتُرج ولا تتصدع..
يطرقها المطر فتنبت حجارتها الزيزفون..
«فارع» وجهك كشعاع المجرات وباقات الزهور وسلام الوطن..
وقلبي الهارب إليك وكأنهُ ائتمن.
بعد عشرين عاماً من الركض والشتات والوهَن.
لقد كُنت قويةً لفترة طويلة جداً..
كانت الدنيا بأسرها لا تشغلني
والناس بكثرتهم لا يعنون لي
كُنت انتبه في قمة تهميشي
وأضع ألواحاً من أضلعي حتى أتسلق ولا أبالي.
لقد نزفتُ صبراً حتى جفت جوارحي.
ونفذت طاقاتي..
واستهلكت مشقاتي..
وبردت في مسامات جسدي احتراقاتي.
«فارع» شطرنج وضعت الأرض طاولةً لمسراتي.
تضعها حسب ما أريد من ملذاتي.
قمر أتيت به وشمس ونجم ساطع..
وابتهالات سنين ودموع وقلب جازع..
وحب يبدد الليل البعيد ويلملم عقلا راتع..
لقد وضعتُ الكواكب في جوفي وأنا التي كنت لا أستطيع حمل إلا نفسي..
أنهضتني وهذا النهوض الذي كان ينقصني.
وأقمتني حتى تسيدت السيادة في موطني.
«فارع» في كفيه شموخ طيبة ومفازع.
** **
- شروق سعد العبدان