خالد بن عبدالكريم الجاسر
ونحن باحتفاء اليوم العالمي لمكافحة التجارب النووية 2022، 29 سبتمبر. من الناحية النظرية، تستطيع أي دولة بالعالم امتلاك التقنيات التكنولوجية والبيانات المعرفية والبنى التحتية للمنشآت والمرافق اللازمة لتطوير أسلحة نووية، لكن هل يُسمح لكل الدول أم لا؟.. إذ تمت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT)، التي انضمت إليها 191 دولة عام 1970، لتعزيز نزع السلاح النووي ومنع انتشاره، وتُسمى هذه الدول الخمس بالقُوى النووية، ويُسمح لها كونها صنّعت واختبرت القنابل النووية قبل دخول المعاهدة حيز التنفيذ في 1 يناير عام 1967، وهي (الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين)، إلا أنها مضطرة، بموجب الاتفاقية، لتخفيض أعداد ما تمتلكه منها.
ولم تنضم إسرائيل والهند وباكستان، وانسحبت كوريا الشمالية عام 2003 من تلك المعاهدة، أما إيران، فتبجحت ودشَّنت برنامجها النووي في الخمسينيات بحجة سلميته التي خرجت بإرهاب ودمار ظهر في تدخلاتها بدول الجوار وأسلحتها التي تم تجربتها بسوريا والعراق وقد حامت الشبهات إن طالت بمسيراتها آبار النفط السعودية والإماراتية، ليكون ثمة شكوك في استخدامها كغطاء لتطوير أسلحة نووية؛ وبالتالي فرض مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات عليها منذ عام 2010، حتى وقعت اتفاقاً والقوى الكبرى عام 2015، لكبح مسارها، ليكون الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، في مايو عام 2018، بعهد ترامب الرئيس السابق، لكن طهران لم تلتزم بشروط الاتفاقيات حتى في (فيينا) وللآن، تمتلك كميات كافية من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 60 %، مع أجهزة الطرد المركزي المتطورة، لتكون على أعتاب خطوات من حيازتها للمواد الانشطارية اللازمة لصنع القنبلة.
هذا سيناريو غير مسبوق، لنرى عجز الدول الكُبرى أمامه، وقد دعمت المملكة العربية السعودية كافة الجهود الدولية لوقف الأنشطة الاستفزازية التي تعدت الحدود، وتهديد المنطقة والعالم، فضلًا عن الفشل في تحقيق أي مشاورات ومفاوضات تُعد حجر الزاوية، لأمان الدول، وخاصة المجاورة لها، وفرض هيبتها على المجتمع الدولي، ليس بدءًا من الاتحاد السوفيتي سابقا والولايات المتحدة ودول الغرب النووية، لاسيما مع استمرار رفض إسرائيل الانضمام للمعاهدة النووية، ووصولاً لدول العالم الثالث التي امتلكت حيازة ذلك السلاح المُرعب مثل (كوريا الشمالية والمحاولات الإيرانية لصنع قنبلة نووية)..
وهذا يمثل عقبة لا يمكن التغاضي عنها، وبالتالي تكون سلمية تلك الأفاعيل من المهاترات التي يلزم التصدي لمنعها خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وضرورة التعامل معه، وبالتالي إذا كان الأمر كذلك، فيحق لكل دولة أن تؤمن نفسها بطرائقها طالما لم يلتزم الخصوم.. وهنالك مقولة قديمة جديدة تفيد أن من يمتلك السلاح الأفضل يكون الأقوى، لذلك تعمد الدول على تطوير وتحديث قواتها العسكرية باستمرار لحماية أراضيها وفرض صوتها على الساحة الدولية.