فُجعت عائلة النويصر في محافظة الرس بوفاة ابنها المُعلم إبراهيم بن محمد النويصر إثر سكتة قلبية مفاجئة وهو في منزله عن عمرٍ يناهز الأربعين عاماً, وهو من مواليد الرس ونشأ منذ طفولته في بيئة علمية دينية وتربى على يد والده الشيخ محمد سكيت النويصر مدير معهد الرس العلمي سابقاً حيث انعكس ذلك على حياته العلمية, وقد تدرج في مراحله الدراسية من الابتدائي وواصل المتوسطة والثانوية في معهد الرس العلمي بتفوق حتى أكمل تعليمه الجامعي وحصل على الشهادة الجامعية بامتياز في تخصص علوم الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم, وبعد التخرج عمل مدرساً في عدد من المدارس الأهلية والحكومية, وكانت لديه رغبة شديدة في إكمال دراسته العليا في رسالة الماجستير في أصول الفقه, وبالفعل أنهى الفصل الأول بتفوق ثم حاول العمل في الإعادة بالجامعة, ونظراً لبعض الظروف لم يواصل الدراسة ليتم تعيينه على وظيفة تعليمية في معهد بريدة العلمي لعدة سنوات بعدها تحققت رغبته في الانتقال لمعهد الرس لوجود أهله وذويه بعدها تم نقله معلماً في معهد البكيرية العلمي..
من جانب آخر اهتم الفقيد في سنواته الأخيرة بالاطلاع والقراءة وخاصة في علوم القرآن الكريم حتى حفظ القرآن كاملاً, ومنها انطلق للعمل متطوعاً في حلق القرآن طالباً ومعلماً وأكثر حضوراً في جامع الحناكي ومن حرصه في التعليم كان يقضي جل وقته في علوم القرآن والسنة النبوية, ومن حبه للعلم كان يتابع دروس المشايخ المشهورين و يجالسهم كثيراً والذين يشجعونه في الاستمرار في طلب العلم وخاصة في الشريعة الإسلامية مما جعله واسع العلم منذ أن كان طالباً في مراحله التعليمية مما أبرز موهبته في علوم الحديث والأسانيد وعلوم الفقه واللغة العربية, وكان شغوفاً في تخريج الأحاديث النبوية وخصص من وقته مدة أربع ساعات يومياً في هذا البحث... ومن أعماله قيامه تقديمه لعدد من المؤلفات المطبوعة والتي تحت الطبع وخاصة مؤلفه المعروف في علم تخريج الأحاديث وقد تم توزيعه..
وكان رحمه الله يقتدي بعدد من العلماء الذين يسيرون على نهج السلف الصالح ويبتعد عن أهل الفتن والأهواء, وقد عمل إماماً ومؤذناً في عدد من مساجد الرس لتميزه بصوت حسن في تلاوة القرآن, إلى ذلك كان ضالعاً في علوم اللغة العربية..
وفي السنوات الأخيرة من عمره أقبل على دراسة تاريخ الدول والمدن الإسلامية, وكان يحرص على السماع من أفواه المشايخ في كافة العلوم الشرعية وكذلك اهتمامه في علم الأنساب وتاريخ الأسر وما يتعلق بها..
ومن حسن الخاتمة أن قبض الله روحه وهو بين مجموعة من كتب العلماء في مكتبته العامرة والتي تضم مجموعة من أمهات الكتب في مختلف العلوم...
كان رحمه الله طيب القلب نقي السريرة سخياً يتحلى بأخلاق فاضلة عليه سمات طلاب العلم والمشايخ.. وكان حاضر البديهة لا تفارق الابتسامة محياه, صاحب طرفة لذلك لا تمل مجالسته وذلك لتبحره في مختلف العلوم الشرعية وتاريخ الأمم والشعوب, وكان يحرص بعد صلاة المغرب يومياً والذي خصصه لزيارة المرضى والأصدقاء والأقارب وكبار السن حرصاً منه على صلة الرحم والقربى...
كان رحمه الله زاهداً في هذه الدنيا ومتواضعاً في ملبسه ومطعمه بعيداً عن زخارف الدنيا وملذاتها وجعل عمله للدار الآخرة في رضاء الله وطاعته, وقد تمت الصلاة عليه في جامع الشايع ودفن في مقبرة الرس وحضر جنازته جمع كبير من أقاربه ومحبيه وعدد من المشايخ وطلاب العلم وقد تلقت عائلته التعازي حضورياً وهاتفياً وبرقياً يتقدمهم محافظ الرس حسين العساف وعدد من المسؤولين والأعيان.
رحم الله فقيدنا الغالي إبراهيم النويصر وجعل قبره روضة من رياض الجنة وعوضه داراً خيراً من داره..
وأسأل الله أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. (نَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).
** **
- منصور محمد الحمود