د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
4)تفسير الألفاظ وشرح النصوص
حرص الشيخ على إفادة قارئه تمام الإفادة ومن كمال ذلك شرح الألفاظ التي تحتاج إلى شرح الفصيحة منها والدارجة، وكان هذا من منهجه الذي نص عليه في (معجم بلاد القصيم) قال «وأشرحها [الأشعار النبطية] شرحًا يستطيع القارئ العادي من خارج الجزيرة العربية أن يفهمه أي: أشرحها شرحًا متوسطًا غير مُسْتَقْصٍ»(1).
ومن أمثلة ذلك قوله «(الطحرور): الطفل الذي لم يكن شبابه على ما يرام، فهو كبير البطن، ضعيف الصحة»(2). وكثيرًا ما سمعت هذا اللفظ على ألسنة الناس، وهم يعرفون استعماله إذ هو لفظ احتقار للشخص وخاصة الصغير؛ ولكنهم قد لا يعرفون معنا الذي بينه الشيخ.
ومن ذلك بيان علة تسمية قارة سواء بالاسم (بُرْمَة)، قال «وسميت برمة تشبيهًا لها بالبرمة التي يطبخ بها وهي قدر من الطين المفخور(3) يكون أسود بسبب إيقاد النار تحته»(13). وكذلك علة تسمية (المذنب) قال «أما المذنب: مسيل الماء إلى الروضة فإن المذنب [البلد] يمر به سيول أودية معروفة وهي: نسر، والوُدَيّ، ومظيفير»(4).
ويأتي في هذا الإطار تفسيره لاسم العائلة (الركف)، قال «الرِّكَف: بكسر الراء وفتح الكاف ثم فاء... وسبب تسميتهم بذلك أن أوائلهم كانوا في جهة حائل وولد جدهم في مكان فيه شجر يقال له: (الركف) فسماه أهله (ركف) على اسم ذلك الشجر»(5).
5)تصحيح الألفاظ والدلالات.
ويقصد بالتصحيح أمرين أحدهما بيان الخطأ والصواب والآخر وصف القول بالصحة، ومثال ذلك قوله «والكلبة المِجْعر- بدون هاء ولا يقولون مِجْعره-: هي التي تطلب الكلب الذكر للسفاد. ولها إذا كان كذلك نباح خاص معروف. قال ابن الأعرابي: السِّباعُ كلها (تُجْعِلُ) وتَصْرِفُ إذا اشتهت الفحل، وقد صَرَفَتْ صرفًا فهي صارف، وأكثر ما يُقال ذلك للكلبة. فيلاحظ أنه ذكر (تجعل) باللام، على حين أن بني قومنا يلفظونها بالراء، فإما أن يكون تحريفًا بمعنى أن الذي سجل اللفظة لأول مرة من اللغويين سجلها بلفظ (تجعل) باللام، أو أن يكونا لغتين»(6).
ومن ذلك أنه أورد تعريف أبي زيد الكلابي للجخدب وعلق عليه «أقول: رحم الله أبا زيد الكلابي، فقد وصف (الجخدب) بما نعرفه عنه وصفًا مطابقًا للحقيقة، ولا شك أن السبب في ذلك كونه -مثلنا- من أهل هذه البلاد الذين عرفوا معاني كلماتها معرفة شخصية واستعملوها، بخلاف بعض اللغويين من اللذين كتبوا اللغة، الذين كانوا ينقلون عن غيرهم من دون معرفة شخصية لمعاني بعض الكلمات»(7).
ولعل الشيخ يعني أمثال ابن منظور الذي أورد قوله «وقال ابن منظور: هو الجُخَادبُ، و(الجُخْدُب) والجُخْدَب، والجُخَادبُ، وأبو جُخَادب... كله ضَرْبٌ من الجنادب والجراد، أخضر طويل الرجلين... وقيل: هو ضَخْم، أغبر، أحرش، قال:
إذا صنعت أمُّ الفضيل طعامها ... إذا خُنْفُساء ضخمة و(جُخادبُ)»(8).
وعلق الشيخ على كلام ابن منظور، قال: «أقول:كل الصفات هذه صحيحة له، فبعضه أخضر، وبعضه أغبر، وهو أحرش بمعنى خشن الملمس، إلَّا قوله طويل الرجلين، فهو غير صحيح، فإن رجلي (الجندب) ليستا طويلتين»(9). وقول الشيخ صحيح فهكذا رأيته وخبرته وكان الأخضر يلازم شجر العشر.
(1) محمد بن ناصر العبودي، معجم بلاد القصيم، 1: 17.
(2) محمد بن ناصر العبودي، كلمات قضت: معجم بألفاظ اختفت من لغتنا الدارجة أو كادت، 1: 659.
(3) لم أجد (المفخور) بهذا المعنى في المعجمات ولا كتب اللغة، فلعلها من موضوعات الشيخ.
(4) محمد بن ناصر العبودي، معجم بلاد القصيم، 2: 454.
(5) محمد بن ناصر العبودي، معجم أسر بريدة، 8: 92.
(6) محمد بن ناصر العبودي، معجم بلاد القصيم، 6: 2238.
(7) محمد بن ناصر العبودي، معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة، 2: 205-206.
(8) محمد بن ناصر العبودي، معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة، 2: 111.
(9) محمد بن ناصر العبودي، معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة، 2: 112.
- (للموضوع بقية)