كتاب «خرافة التنمية» الصادر عام 2007م، كتاب جميل لمن أراد أن يفهم كيف تسير الأمور في العالم، وهو من تأليف «ازوالدو دي ريفيرو» دبلوماسي وسفير متقاعد في وزارة الخارجية البيروفية، خدم في لندن، وموسكو، وجنيف، ونيويورك، وعمل ممثلاً في منظمة التجارة العالمية، ومكتبي الأمم المتحدة في جنيف ونيويورك.
والكتاب من ترجمة/عمر الأيوبي، بإشراف هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة).
الفكرة الرئيسية التي يشير إليها المؤلف أنه لا يوجد شيء اسمه اهتمام بالتنمية الحقيقية للدول النامية من قبل الدول المتقدمة، فالهدف الأساسي هو أن الشركات الكبرى تخدم مصالحها الاقتصادية.
ومن دلالات ذلك، قصة إنشاء منظمة التجارة العالمية، حيث استمرت المفاوضات فيها (8) سنوات من عام 1986حتى عام 1994م، وعلى الرغم من اشتراك 81 دولة نامية فيها، إلا انه في النهاية كان عليهم انتظار ما تصل إليه الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وهذا الثالوث تحديداً كان ينتظر ما يحقق الانسجام بين المصالح المشتركة بين الشركات الكبرى، وقُدّم نص المشهد الأخير من المفاوضات إلى البلدان النامية، كأمر واقع.
الإشكالية الكبرى في هذا الوضع هي أن الدول على عيوبها كان لديها على الأقل شيئاً من التوازن بين طموحاتها الوطنية، ومسؤوليتها الدولية مثل حماية الإنسان، والبيئة، بينما الشركات الكبرى «الارستقراطيون الجدد كما اسماهم المؤلف»، ممثلة في مدرائها التنفيذيين لا تعنيهم هذه الأمور، بأنهم كثيراً ما يحدثون بطالة، ويتسببون في تخريب البيئة من أجل المصالح المكاسب المادية.
فالشركات مع التطور التكنولوجي لا تكتفي بزيادة مداخيلها، ولكنها أيضاً تسحق منافسيها من الدول الفقيرة التي تعتمد على «المواد الأولية» فمن خلال التكنولوجيا بإمكان المختبرات الأمريكية، والأوروبية، واليابانية تطوير سوق المُحلّيات «السكر، والمطاط، والفانيليا، وزيت النخل» وغيرها من المواد الأولية مما يسبب مشكلة لدى الدول التي تعتمد على هذه المواد في اقتصادها.
كما تطرق إلى الظلم الذي تعرض له آدم سميث باعتباره «الملهم» للنظام العالمي الجديد» غير أن سميث كان يؤمن بأهمية الجوانب الاجتماعية والاهتمامات الأخلاقية، وان سميث لم يكن يشرح الاقتصاد كنظام دارويني متدرج لا مكان فيه للضعفاء أو أنه عبارة عن قوانين لا يمكن الهروب منها وكأنه قانون الجاذبية الذي يتعامل مع كل الأمور بنفس الميزان.
أخيراً ...
شبّه المؤلف التنمية بـ«الإولدراودو» وهي أرض الذهب في أمريكا الجنوبية والتي اعتقد بوجودها الإسبان، فارتكبوا الفظائع من أجلها دون جدوى، فالتنمية «حلم» يصعب الوصول إليه بسهولة، وينتقد نظرية «روستو» في تطور البلدان عبر مراحل أشار إليها في الكتاب.
تميز الكتاب بأربع «ميمات» ...
ممتع، مفيد، محبط، متحفز
ممتع كقراءة ...
مفيد كمعلومات ...
محبط كواقع «يصعب» تغييره ...
محفز كواقع «يمكن» تغييره ...
ففي النهاية أن من يسيطر على هذه الشركات، ومن وضع هذه النظريات مجموعة بشر ...
ما بعد أخيراً ...
ما صنعه مجموعة بشر ...
بالإمكان أن يغيره مجموعة أخرى من البشر
** **
- خالد الذبيب