سارا القرني
أطلق ولي العهد محمد بن سلمان حفظه الله مبادرة الشرق الأوسط الأخضر قبل 6 أشهر، ولا أخفيكم أنني من أشد المعجبين بهذه المبادرة دون كلّ المبادرات الضخمة التي أعلنها سمو سيدي محمد بن سلمان، لأنني من عشاق الطبيعة، ولكوني فتاة الجنوب التي عاشت طفولتها في خضم الطبيعة الغناء التي تزخر بها منطقتي.
عند تصفحي لموقع مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.. وجدتُ في بدايتها كلمات تثلج الصدر.. وها هي دون زيادة أو نقصان «تؤكد مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على التزام المملكة العربية السعودية بجهود الاستدامة الدولية، وتسهم في زيادة قدرات المنطقة على حماية كوكب الأرض من خلال وضع خارطة طريق طموحة ذات معالم واضحة تعمل على تحقيق جميع المستهدفات العالمية. تدعم هذه المبادرة عمليات تنسيق الجهود بين المملكة وشركائها الإقليميين والدوليين من أجل نقل المعرفة وتبادل الخبرات، مما يسهم في تحقيق انخفاض كبير في الانبعاثات الكربونية العالمية، بالإضافة إلى تنفيذ أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم».
وبالرغم من أن المبادرة الضخمة التي يقودها ولي العهد نبعت من المملكة.. إلا أنني لا أجد انعكاساً جاداً بشوارع الأحياء الداخلية، فبعد أن امتلأت شوارعنا بالسواتر الصناعية والمظلات الحديدية صار المنظر مشوهاً أكثر من كونه ظلاً لسيارات سكان الأحياء!
منزل فيه مظلة أو اثنتان.. إحداهما زرقاء والأخرى رمادية قد امتلأتا بالغبار وتآكلتا مع عوامل الرياح أو تقلبات الجو بين رطوبة وجفاف، ثم منزلٌ يفتقر لأي عامل من عوامل الجمال.. ولا مظلة أمامه، ثمّ منزل تنحشر فيه سيارتان أو ثلاث تحت ظل شجرة بالشارع المقابل تحجب الشمس من الظهر إلى العصر.. لأنها في الصباح لا تكون خلف الشجرة بل أمامها!
معاناة الأحياء بين قلة الجماليات وكآبة المنظر موجودة.. ولا أتكلم عن كل الأحياء بل الأغلب، ثم تتذكر مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وتسأل في نفسك «لماذا لا تبدأ المبادرة من الأحياء»؟
قبل أيام قررت زراعة الرصيف الممتد على طول سور منزلي.. تفاهمت مع مشتل زراعي لعمل أحواض داخل الرصيف مع زراعتها وتثبيت الأشجار فيها مع ضمان عدم ذبولها لثلاثة أشهر على الأقل، واكتفيت بـ 5 أشجار على طول الرصيف رغم أنه يكفي لأكثر من ذلك، وصُدمت حين عرفت أن التكلفة لن تتجاوز 1000 ريال!
ألف ريال لبناء أحواض وتشجيرها وضمانها مبلغ زهيد جداً، مقابل وضع مظلة.. التي تكلّف وعن تجربة شخصية 3 آلاف ريال تقريباً!
وبعد البحث عن المبادرات أو القرارات التي تُعنى بالتشجير داخل الأحياء.. لم أجد سوى مبادرة وقعتها وزارة الشؤون البلدية مع وزارة البيئة والمياه والزراعة لزراعة 3 ملايين شجرة داخل المدن، دون أي وجود لمبادرات أخرى إلزامية أو غير إلزامية على المواطنين.
ماذا لو أصدرت وزارة البلدية -بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه- قراراً بالتشجير الإلزامي عند كل منزل، بحيث يُطالَب صاحب كل منزل بزراعة شجرة أو اثنتين أمام منزله أو يوزع عدد الأشجار حسب مساحة كل بناء، على أن تُزال المظلات الحديدية في مدة لا تتجاوز 3 سنوات، وهي مدة كافية لنمو الأشجار بارتفاع يكفي لتشكّل ظلاً يخفف درجة الحرارة ويزيد من جمالية الأحياء الداخلية، على أن تحدد وزارة البيئة والمياه نوعية الأشجار المزروعة وبأسعار مدعومة بحيث لا تشكل هذه الأشجار خطراً على البنية التحتية من تمديدات وخلافه كالأنواع التي أثبتت ضررها لطول جذورها، ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه أيضاً، مع وضع لائحة مخالفات واضحة حتى لا يتهرب أصحاب المنازل من زراعتها أو عدم الاهتمام بها وتركها للذبول، قِس على ذلك المخيمات والاستراحات والشاليهات التي تملأ الأحياء لكن دون وجود أي مظاهر للاهتمام البيئي حولها!
أعتقد أنّ الوقت مناسب لخروج هذا القرار.. خاصةً وأنه يواكب مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ويمكن الاستفادة من الساعات التطوعية المشروطة للتخرج من وزارة التربية والتعليم وتخصيص جزء منها للعمل البيئي الذي يخدم المجتمع.. ويدفع بالمبادرة إلى الأمام.