عبده الأسمري
انتصر لمهمته وناصر قيادته فنصر وطنه وجنى «ثمار» الانتصار في «مناصب» الدولة وحصد «استثمار» الاقتدار في مطالب المرحلة..
امتلك «مهنية» مذهلة تواءمت مع «إنسانية» فائقة حتى كتب جملته الاسمية من مبتدأ «المعروف» وخبر» الخير» ليكتمل ذكره «بدراً» في دعوات «السائلين» ويبقى استذكاره «جهراً» في أحاديث «الشاهدين»..
ما بين «مسارب» الخطابات و»مشارب» الإجابات» كان «السادن» الأمين للتفاصيل و»الخازن» المؤتمن للعناوين في «مهام» مركبة نال فيها «الثقة» وحظي فيها بالتوفيق..
اتخذ من «المنصب» الحساس و»الموقع» المؤثر.. وسيلة إلى «تسخير» قدرات الذات و»غاية لتدبير مقدرات الرأي فكان «السند» الموثوق للملوك و»المساند» الأوثق للقرار.
إنه رئيس الديوان الملكي الأسبق معالي الأستاذ محمد النويصر رحمه الله أحد أبرز رجال الدولة وأمهر القياديين المميزين.
بوجه قصيمي هادئ الملامح جاد المطامح وشخصية خليطة بين الجد والود مع تقاسيم نجدية تزخر بلطف في التعامل ولطافة في التعبير وعينين تنضخان بالدراية والنباهة وكاريزما تسمو منها «سمات» التهذيب وتعلو وسطها صفات «الأدب» ومحيا أنيق يعتمر البشوت الملونة بحكم «المهمة» والأزياء الوطنية باحتكام «الهوية» وصوت ذو لكنة «قصيمية» تتوارد منه «عبارات» الحنكة وترد منه «اعتبارات» الحكمة ولهجة «بيضاء» مألوفة في ترسيخ «أواصر» التواد ولغة «عصماء» في تأصيل «أوامر» التطوير وحضور باهر بالقيم وتواجد زاهر بالمقام قضى النويصر من عمره ستة عقود وهو يرسم «مشاهد» النماء ويؤصل «شواهد» الانتماء ويؤسس «معاني» العطاء في مهمات «حكومية» كان فيها «صانع» الشور و»حكيم» النصح قيادياً بمكانة «الصلاحية» وريادياً بتمكين «المسؤولية» ووطنياً حتى النخاع ومهنياً حد الإبداع ليظل «نجماً» ساطعاً في «سماء» «الأُثر واسماً» مشرقاً في «فضاء» «التأثير»..
في القصيم منبع «البذخ» في زف المبدعين وإنتاج المؤثرين ولد عام 1920 في منزل والده «الوجيه» وتناقلت «القرى» المتجاورة بواقع «الألفة» خبر القدوم بتباشير «المسرات» وتعابير «البركات» وتفتحت عيناه على «إرث» معرفي هائل تناقلته أسرة «النويصر» العريقة في متون «العلا» والعتيقة في شؤون «المآثر» فاكتملت في ذهنه باكراً قيمة «العائلة» وهمة «الأسرة» وتشربت نفسه «مضامين» السمعة وتعتقت روحه برياحين الذاكرة فظل يمطر مساءات «والديه» بأسئلة قوامها «البلاغة» ومقامها «النباغة» ليرضي «غروراً» طفولياً جعله حديث قومه وحدث عشيرته لتأتي «التنبؤات» مكتظة ببشائر «قادمة» لمستقبل مبهج أثبتته الأيام ووثقته المهام..
درس النويصر في «كتاتيب» بلدته وتعلم باكراً العلوم الشرعية واللغة العربية وعلوم الحساب والمعارف المختلفة والتحق بمدرسة الفلاح وتخرج منها عام 1353 ليبدأ أولى خطوات «التفوق» في مضمار الحياة..
سيرة عملية زاخرة بالإنجاز وفاخرة بالاعتزاز قضاها في رحاب «المسؤولية» وأكملها في «نصاب» الوطنية حيث بدأ عمله الوظيفي في وزارة المالية، وتم توجيهه وتكليفه بتنظيم المالية في حائل ثم التحق بديوان الملك في الحجاز ثم سكرتيراً مع الشيخ إبراهيم السليمان العقيل، حيث بدأت أولى «بواكير» معرفة القيادة به حيث تمكن في منصبه الجديد من مرافقة مكتب الملك فيصل في جولاته الدولية وكان من ضمن الوفد المتجه إلى سان فرانسيسكو عام 1364هـ للتوقيع على ميثاق الأمم المتحدة، مما وثق وقوى علاقته بالملك فيصل الذي اكتشف نباهته وبراعته وحرصه وحكمته حيث تم بعدها تعيينه رئيساً للديوان الملكي لمدة 42 عاماً في عهود الملوك فيصل وخالد وفهد وبداية عهد الملك عبدالله رحمهم الله حتى تمت إحالته للتقاعد في رمضان 1426هـ الموافق 2005 م بناءً على طلبه. وقد أسند إليه مع منصبه منصب رئيس ديوان مجلس الوزراء حتى نهاية التسعينيات.
اعتاد موظفو الديوان الملكي وديوان رئاسة مجلس الوزراء على محياه «الزاهر» الذي يملأ به جنبات المكان ويعطر بها آفاق الزمان موزعاً عليهم «دوافع» المهام وزارعاً فيهم «منافع» الدوام متأبطاً «أوراق» تحمل «خرائط» الاحتياج وتحوي «طرائق» الإنتاج..
قضى النويصر في مكتبه الممتلئ بالملفات «الرسمية» والمطالب «الشعبية» والرؤى «المصيرية» وقتاً طويلاً من عقود العمر وهو يشرح «المعاملات» ويرفع «التوصيات» مكللاً «بشفاعة» الإنسان ومجللاً «باستطاعة» المسؤول..
صال النويصر برشاقة» الحريص» وأناقة» الخبير ولباقة «الراقي في ردهات «القصور» الملكية وفي مكاتب «الدواوين» الرسمية محتفىً به من «ملوك» الدولة الذين وجدوا فيه استقامة «الرأي» واستدامة» الرؤية» حتى تجاوز بأفعاله مساحات «الإجراءات» المحدودة إلى ساحات «الصلاحيات» الممنوحة.
تحول النويصر من شخصية مسؤولة إلى أخرى محبوبة ومقربة من القيادة فظل رفيق الملوك وصديق الأمراء ومرافق الكبار الذي أفنى عمره في خدمة وطنه فأشعل «الضياء» في البدايات ووقع «الإمضاء في مشارب النهايات.
امتلك «مزايا» كبرى كانت «العامل» المشترك لشخصيته المركبة من قيم «الأمانة» والإخلاص» و»النزاهة» ليكون «مدرسة» للأخلاق المهنية و»أكاديمية» للفصول الإنسانية.
لم يكن النويصر مجرد مسؤولٍ وجيهٍ تألفه «منصات» القرار وتعرفه «محافل» الاستقرار بل إنه ظل «نبعاً» من ينابيع «المشورة» المسجوعة بلين الجانب والمدفوعة بحسن الخلق.
رغم مسؤولياته «الجسام» والإرهاق الذي كان يواجهه بتوكل «مهيب» ويجتازه بصبر «عجيب» إلا أن داره كانت عامرة بقضاء الحاجات وغامرة بانقضاء الاحتياجات وظل يهدي للعابرين «وعود» الصدق ويؤنس «القادمين» بمواعيد الحق ليكون «أنموذجاً» للعون ووجهاً» للغوث مستغلاً كل «دقائق» العمر في توظيف «الحقوق» وتسخير «الواجبات».
كان من عمّار «المساجد» ومن أهل «الإحسان» والدلائل في ذلك «بشر» سمعوا عنه بالاسم وتيقنوا منه بالفعل في «تواضع» كبير و»عدل» مستطير سطره على صفحات «الاستذكار» في دعاء «الحائرين» ورجاء «المحتاجين «.
نال «الاتفاق» الملكي و»الوفاق» الرسمي كشخصية «فريدة» ظلت استناداً للاقتداء المهني واعتماداً للاحتذاء الوطني..
انتقل النويصر إلى رحمة الله يوم الأربعاء 26 جمادى الأولى 1430 هـ (2009 ) إثر مرض عانى منه طويلاً ونعاه الديوان الملكي في بيان رسمي واصفاً إياه برجل دولة خدم ودينه ووطنه..وتناقلت الأوساط الاجتماعية والوسائط التقنية نبأ رحيله بوصوف قيمته وتواصيف مقامه والبصمات «الجليلة» التي أقامها كأركان شيدت عليها «صروح» العطاء..وخلفته ابتهالات الرحمة والمغفرة وكلمات الرثاء والعزاء المؤثرة..
محمد النويصر.. سادن الدواوين وحاجب الملوك الذي كتب ملاحم «الوفاء» و»الاستيفاء» في وقع الفلاح وواقع النجاح.