د.م.علي بن محمد القحطاني
برز على السطح خلال الأيام الماضية الازدحام الشديد في مدينة جدة ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام من الصحافة اليومية لإبراز حجم المشكلة وردود أفعال مرتادي طرقاتها وآراء المختصين.
وفي رأيي أن هذه نتيجة طبيعية لأسباب متعددة وكثيرة وتراكمات سابقة ولعل آخرها المشاريع الجبارة لإزالة المناطق العشوائية والتي ستغير وجه عروس البحر الأحمر وتعيد لها بريقها ونضارتها -بإذن الله - وليس المجال هنا للإبحار في هذه الأسباب بالتفصيل ولكني سأقتصر على أهم الحلول والمقترحات لمعالجة آثارها وما ترتب ونجم عنها من ازدحام الشوارع والطرقات وأربك الحركة المرورية وأعاق انسيابيتها، بل وأصابها بشلل في بعض محاورها الرئيسة وتقاطعاتها وفي الحقيقة فكل هذه النتائج متوقعة لعدد من الأسباب من أهمها خروج العديد من الطرقات والمحاور الرئيسية عن الخدمة واختلال التوزيع السكاني والكثافات البشرية في الأحياء فأصبحت بعض الأحياء ذات كثافة سكانية منعدمة وأخرى ارتفعت فيها بنسب مهولة وهذه حالة مؤقتة فمن المؤكد أن هناك مخططاً عاماً جديداً لشبكة الطرق يتلاءم مع المتغيرات الكبيرة التي ستحدث في المدينة وشبكات الطرق وتعدد وسائل النقل هي من مشاريع البنى التحتية التي تستغرق وقتاً ليس بالقصير وحتى تتم لا بد من إيجاد حلول عاجلة وسريعة للتخفيف من وطأة هذا الازدحام.
ومن أهم هذه الحلول، بل هو مفتاح هذه الحلول اعتبار ما حدث حالة طارئة توجب التعامل معها على هذا الأساس واستحداث خلية إدارة أزمة تحت مظلة إمارة منطقة مكة المكرمة - والتي تعتبر من القلائل إن لم تكن الإمارة الوحيدة على مستوى المملكة التي بها مركز لإدارة الكوارث والأزمات - للتعامل مع هذا الحدث بأعلى درجات التنسيق والتعاون البناء بين مختلف الجهات ذات العلاقة كالمحافظة والأمانة والجامعات وإدارة التعليم ووزارة الموارد البشرة لتفتيت أوقات الذروة بتنظيم حضور وانصراف مرن للطلبة والموظفين بحيث لا تتزامن في نفس الوقت مع ترك فترة زمنية بينها تكفي لتفريغ الطرقات. والذي سيسهم بشيء من التنسيق في حل العديد من المشاكل المرورية وتخفيف الازدحامات وحل الاختناقات المرورية وتفتيت أوقات الذروة. وأن يعمل فرع وزارة النقل وفرع وزارة التجارة لتنظيم أكثر لسيارات الأجرة والليموزين وتطبيقات نقل الركاب والتي تتكاثر بشكل مبالغ فيه والحد من تجوالها في الطرقات بحثاً عن الركاب واستحداث محطات لها مشابهه لمحطات الحافلات وسرعة انجاز نظام اللاسلكي إن كان لا يزال قابلاً للتطبيق في هذه المرحلة والالتفات لعمالة توصيل الطلبات والبيع أون لاين بقصرها على السعوديين فقط وباستخدام الدراجات النارية فقط وإعادة دراسة أوقات دخول الشاحنات للمدينة أما المرور الذي تفاجأ بهذه الازدحامات فاجتهد بحلول تصيب مرة وتخفق مرات بالعودة للارتجالية في تسيير الحركة المرورية والاجتهادات الفردية في ذلك حتى ما كان يعمل إلكترونيا (الإشارات) عملوا على تعطيلها والاعتماد على العنصر البشري بإقفال بعض الجسور أو الأنفاق أو في تغيير أو إقفال مسارات وكذلك التحكم اليدوي في الإشارات والتي تزيد الأمور سوءًا وترحل المشكلة من تقاطع إلى آخر والمفترض مواكبة التطور الذي تشهده المملكة في كافة المجالات ومنها استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات واللجوء للحلول التكنولوجية في معالجة هذه الاختناقات.
ما حدث أصاب العديد من تلك الجهات بذهول لم تفق منه حتى الآن لذا علينا بذل الجهود المطلوبة في الوقت المناسب بجوده عالية لتحقيق المأمول.
** **
- مستشار وخبير إدارة كوارث وأزمات