سام الغُباري
تعرّفت أمس على كتاب جميل اسمه (العرب والإمبراطوريات قبل الإسلام) صادر عن قسم الآثار في جامعة أكسفورد في بريطانيا سنة 2015. طبعاً، لا أظنّ أنّك ستجد أحداً من مثقّفينا الأكارم يستشهد بهذه الأبحاث الجديدة، وإذا حدث وترجمته دار نشر عربيّة، فستدعم الدعاية القوميّة الفارسيّة بتحوير ترجمة كلّ المصطلحات والمسمّيات الواردة بما يخدم هذه الدعاية، لا ما يخدم حقيقة الحضارة العربيّة.
الكتاب مجموعة مقالات تحقيقيّة، تدرس الدول العربيّة اليمانيّة ما بين القرنين الثالث والسادس، وكذلك أحوال العرب في فترة تعود بعمقها إلى القرن الثامن قبل الميلاد. ولا يناقش الكتاب أي تأويلات أو فرضيّات، إنّما يشتغل على سرد الأدلّة الأثريّة، ويترك لك حرّيّة القرار. ويبدأ الكتاب بنقاش الإمبراطوريّات العربيّة القديمة وكذلك علاقات العرب بالإمبراطوريّات الموجودة قبل القرن السادس. ثمّ يسرد الأدلّة على وجود مملكة حمير في جنوب شبه الجزيرة العربيّة، ثمّ علاقة حمير وأكسوم وما نتج عن هذه العلاقة في صحراء شبه الجزيرة العربية، كمملكة كندة مثلاً.
ثمّ يسرد الأدلّة على وجود ممالك الجفنيّين والنصريّين (الغساسنة) في شمال شبه الجزيرة العربية، ثمّ دور هذه الممالك جميعاً في الصراع الروماني- الإيراني ما بين القرون الخامس إلى السابع. ثمّ يسرد كثيراً في دور العرب في إخراج المسيحيّة ونشرها في أثناء هذا الصراع ما يدعم حقيقة أنّ المسيحيّة ديانة عربيّة. ثمّ يسرد الأدلّة في مملكة الأنباط العربيّة - الرومانيّة ودورها في إخراج الخطّ العربي المعاصر بتأثّر العربيّة بالتراث الهيلينستي (الكويني)، ثمّ يخوض بالسرد في التدوينات العربيّة التي تركها مؤرِّخون بالعربيّة والبهلويّة من الحقبة ما قبل الإسلام.
يقول فيه ناشره: يسلّط كتاب (العرب والإمبراطوريّات قبل الإسلام) الضوء على تاريخ العرب اليمانيّة قبل ظهور الإسلام، حيث يجمع ما يقرب من 250 مقتطفاً مترجماً من مجموعة واسعة من المصادر القديمة. مأخوذة من فترة واسعة بين القرن الثامن قبل الميلاد والعصور الوسطى، وتشمل المصادر نصوصاً مكتوبة في الأصل باللّغات الإغريقيّة واللاتينيّة والسريانيّة والبهلويّة والعربيّة، ونقوشاً بلغات وأبجديّات متنوّعة، ومناقشات حول المواقع الأثريّة من جميع أنحاء العالم. الشرق الأدنى. ويقدّم أكثر من عشرين خبير دوليّ من مجالات علم الآثار والكلاسيكيّات والتاريخ القديم واللّغويات وعلم اللّغة والكتابة وتاريخ الفن؛ تعليقاً تفصيليّاً وتحليلاً لهذه المجموعة المتنوّعة من المواد.
يحتوي المجلد على ست عشرة لوحة ملوّنة وخمس عشرة خريطة وأكثر من سبعين صورة نصيّة، وهو يوفر فحصاً شاملاً وواسع النطاق وحديثاً لما قالته المصادر القديمة عن السياسة والثقافة والدين عند العرب اليمانيّة في فترة ما قبل الإسلام. يقدّم دراسة كاملة للآثار التي تركها العرب اليمانيّة في السجلّات الكتابيّة والأدبيّة والأثريّة، ويلقي الضوء على علاقتهم بجيرانهم الأقوياء في كثير من الأحيان: دول وإمبراطوريات الشرق الأدنى القديم.
الكتاب جيّد ويستحقّ القراءة. ولا أعرف إن كانت تتوفّر عنه ترجمة إلى العربية. وثمن النسخة الورقيّة أكثر من 200 يورو... لكن، يمكنك سحب هذه النسخة الرقميّة مجّاناً من هنا https://go.monis.net/s0GBcp
أو قراءتها من هنا https://go.monis.net/2jUpD8
الكتاب يدعم بصراحة حقيقة أنّ شعار النسر السياسي هذا في الصورة هو في الواقع شعار عربي، اقتبسه الإغريق والرومان عن ممالك العرب... قراءة ممتعة..