سارا القرني
كتبتُ قبل شهرين تقريباً وبالتحديد في 28 يوليو - العدد رقم 18074 - مقالاً بعنوان «صناعة الترفيه أو استيراده» والذي تحدثت فيه عن الأرقام الكبيرة التي حققتها هيئة الترفيه وشيئاً من التحديات المستقبلية بما يوائم رؤية السعودية 2030 الكبرى، وفي نهاية المقال طرحتُ فكرة أو أسمّيه اقتراحاً على المستشار تركي آل الشيخ بأن يُطلق مسابقة كبرى في تصميم الألعاب الإلكترونية، وقلتُ تحديداً «أثق بأنّ في شبابنا من يحمل أفكاراً عظيمة يمكنها تحقيق العالمية بسهولة في هذا المجال لو وجدوا من يتبناهم»!
وفي الخامس عشر من هذا الشهر أطلق سيدي ولي العهد محمد بن سلمان الإستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، وسُعِدتُ جداً بهذا الخبر.. الذي يؤكِّد للمرة المليون على اهتمام القيادة بشباب هذا الوطن، وهو انعكاسٌ لقدرات الشباب وإيمان القيادة بهم.
ما دفعني لطرح الفكرة السابقة في المقام الأول.. هو أنّني رأيت أحد أفراد أسرتي ذات يوم يتحدى لاعبين من دول أخرى في الألعاب الإلكترونية ويتفوَّق عليهم، مما جعل بعض معارفه الإلكترونيين أو الشخصيين يطلبون منه اللعب نيابةً عنهم في بعض الألعاب كي يتجاوزا مراحل معينة أو كي يتفوَّقوا على أشخاص آخرين وكلّ ذلك مقابل مبالغ مالية كبيرة، وبالفعل.. كان يتفوَّق وببساطة على كلّ المراحل أو الأشخاص من مختلف الجنسيات وبمختلف الأعمار، لكنه كان ينتقد أحياناً بعض أجزاء اللعبة أو بعض التقنيات غير الموجودة التي ستزيد من انتشار اللعبة أو صعوبتها، فدفعني هذا إلى التفكير.. بدلاً من الألعاب الإلكترونية، لماذا لا ننتقل إلى تصميم الألعاب بالاستفادة من رؤى وطموحات شباب الوطن وأفكارهم الخلاقة، التي ستُثمر بالتأكيد عن روائع الألعاب في المنصة الإلكترونية العالمية!
لكن.. ودائماً ما تأتي «لكن» بعد كلّ إنجازٍ وفكرة، ماذا بعد الإستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية؟ إننا وفي كلّ بيتٍ بهذا الوطن نجد المبدعين الذين ينتظرون من يتبناهم، وعلى النطاق الأسريّ «الضيِّق» مثلاً.. أجدُ اثنين من أفراد أسرتي يُتقنان رسومات الإنمي بطريقةٍ خلاقة واحترافية دون أي غلطة وكأنها ثلاثية الأبعاد، وهما بالتأكيد ليسا الوحيدَين.. فمواقع التواصل تعجّ برسّامي الإنمي من بلدي الحبيبة، ولأنّ رسومات الإنمي غزت العالم وأصبحت طريقاً وجسراً جديداً لتبادل الثقافات حول العالم.. لماذا لا تتبنى المملكةُ برنامجاً لمبدعي الإنمي.. يتعاونون فيه مع مؤّلّفي الروايات الخيالية لإنتاج مسلسل ضخم بأفكار سعودية وإنتاج سعودي خالص، مثل «هجوم العمالقة» الذي لا تجد بيتاً إلا وقد دخله هذا المسلسل الشهير، فلماذا لا نغزو العالم بثقافتنا وأفكارنا من خلال الإنمي الذي أصبح ثورةً في عالم المسلسلات يشاهده الكبار والصغار، باللهجة السعودية أو الفصحى، ويُترجم للإنجليزية أو اليابانية!
في كلّ بيتٍ تجدُ المبدعين.. وأؤمنُ أنّ القيادة الغالية لا تبخلُ على شبابها بما يُبرزهم وينمّي طموحاتهم قبل أن يستثمر فيها، لأنهم المستقبل.. ومن أجلهم جاءت الرؤية ومن أجلهم كانت!
لا ينقص دولتي الحبيبة شيءٌ ولله الحمد.. وإذا أراد عرّاب الرؤية أن نكون دولةً منتجةً للأفلام والمسلسلات التي تتبنى أفكار الشباب وطموحاتهم، فمن الغد ستُترجم هذه الفكرة وبالتأكيد لن يخذله «جبل طويق»!