تعرّف عليّ في ظروفٍ صعبة، ومن حينها صار لا يناديني إلا بـ»يا أمير»..
يا لها من مناداةٍ تعبر عن كمٍ من المحبة والتقدير والاحترام.. أسمعها منه فترتفع معنوياتي وتنشط روحي وينتعش قلبي رغم أنني أحب أن أنادى باسمي..
ولست أدري لم يبخل الناس عن مناداة بعضهم البعض بأسماء محببة وألقاب فيها معانٍ جميلة..
في بعض المجتمعات يخجلون من مناداة زوجاتهم بأسمائهن الصريحة فضلاً عن إطلاق الكنى والألقاب المفضلة لديهن..
فمرة افتقدت أحد الأصدقاء وسألته عن سبب غيابه فأخبرني أنه كان مشغولاً وقال: «وديت البيت للمستشفى».. عندها أصاب عقلي (error) وتخيلته بسيارته يُركب معه بيتاً من دورين يسرع به إلى المستشفى ثم تصادفه إشارة فيها (ساهر) فيضغط على (الفرامل) وتهتز الطاولات والكراسي وتسمع قرقعة الصحون والكاسات!
لن ينقص من عمرك ولا كرامتك ولا قدرك شيء إذا افتخرت بزوجتك وناديتها بألطف العبارات، وكذا أفراد العائلة وزملاء العمل والجيران وصولاً إلى جميع أفراد المجتمع.
وفي دراسة قمت بها قبل يومين ولم تستغرق معي أكثر من دقيقتين وجدت أن المشكلات تكاد تختفي في البيئات التي ترتقي فيها لغة الخطاب عموماً ويحسن فيها أسلوب المناداة خصوصاً..
تصحرٌ عاطفيٌّ وجفاءٌ مشاعريٌّ تعيشه بعض الأسر، لدرجة أن بعض الزوجات في تلك العائلات التي اعتادت أجواء الجفاف إذا ناداها زوجها -على غير عادته- بكلمة حب وتقدير أو بالغ في ذلك ظنت أنّ من ورائه خيانة أو «عامل مصيبة»، وكذلك الابن المغترب عن أسرته إذا كتب لهم كلماتٍ يعبر فيها عن محبته لهم ظنوا أنّ مكروهاً أصابه وأنها لغة «مودّع»..
سامح الله من برمج تلك النفوس على الخوف من السعادة والخوف من المحبة والخجل من إظهار العواطف.
سئل حكيم: كيف أكسب الناس؟
فقال: أن تناديهم بأحب أسمائهم.
قيل: ثم ماذا؟
قال: أن تتغافل عن سيئاتهم.
قيل: ثم ماذا؟
قال: أن تعطيهم من مالك.
قيل: فإن لم يكن لدي مال؟
قال: أن تبعد نفسك قدر المستطاع أن تكون في حوجتهم.
وبالمناسبة: حتى الحكيم يفرح من صمصوم قلبه إذا نودي بـ»حكيم»، فالكل يتمنى أن ينادى بطريقة راقية أو اسم محبب ولا ينكر ذلك إلا مكابر أو شخص نزع الله الرحمة من قلبه.
نادوا أحبتكم بما يحبون، وانزعوا ثوب الخجل أو الكبرياء الوهمي أو المبررات السطحية..
أما صاحبنا الذي يناديني (يا أمير) فذاك لاعتقاده أن اسمي (أمير) وليس (أمين).. وهذا ما أدركته مؤخراً.. يعني أنّ الأمر لا يتعلق بالمحبة ولا التقدير ولا الاحترام ولا هم يحزنون.. أي بالمختصر (لم تزبط معنا)!