فضل بن سعد البوعينين
تمر ذكرى اليوم الوطني والمملكة تنعم -بفضل الله- بالأمن والاستقرار، وازدهار اقتصادي وتنمية شاملة غير مسبوقة، حيث شكلت رؤية المملكة 2030 قاعدة الانطلاقة نحو بناء المستقبل، لمواجهة المخاطر الناجمة عن استمرارية تحكم الاقتصاد الريعي في مستقبل الوطن. ما تشهده المملكة من تنمية، وتحول اقتصادي، وبرامج نوعية لبناء المستقبل هو نتاج لرؤية القيادة الإستراتيجية، وجهودها المبذولة لاستثمار المقومات المتاحة وتحويلها إلى مشروعات تنموية كبرى تنعكس إيجابًا على الوطن والمواطنين، وتزيد من تنافسية المملكة ومكانتها العالمية. وبالرغم من عظم المشروعات التنموية، وأهميتها، إلا أن ضمان تحقيق أهدافها لا يمكن عزله عن المتطلب الأمني الذي يعتبر قاعدة بناء الاقتصاد. فالأمن أحد الدعائم الرئيسة للاقتصاد، بل أهمها على الإطلاق؛ فهو من متطلبات الحياة، ومن مقومات التطور، والبناء. تحفظ من خلاله المكتسبات التنموية، وتجذب الاستثمارات الأجنبية، ويتحقق النمو الاقتصادي، والاجتماعي، وبناء الإنسان و المكان. لذا وضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان نصب أعينهما تعزيز أمن الدولة، وحمايتها من المخاطر الداخلية والخارجية، والعمل على مواجهتها بشفافية وحزم. فبناء المستقبل يبدأ من عمليات التحوط الكبرى الحافظة لكيان الدولة وأمنها واستقرارها، وهو ما تم تحقيقه بفضل الله ثم بجهود القيادة ورؤيتها الحكيمة وتعاملها الحذق مع جميع التحديات العالمية التي عصفت بكثير من الدول، وتسببت بتداعيات عميقة على اقتصاداتها وأمنها الداخلي وبالتالي سياساتها الخارجية.
اليوم، ومع مرور الذكرى 92 لليوم الوطني، تبرز الإنجازات الاقتصادية، المالية، والأمنية التي تؤكد نجاعة الإصلاحات الشاملة، الهادفة لتعزيز مكانة المملكة عالميًا، وبناء اقتصادها على أسس من التنوع والاستدامة، وترسيخ أمنها واستقرارها ورفاهية مواطنيها. تقدم المملكة في سلم التصنيفات العالمية، ومن أهمها التصنيف الائتماني الذي عكس قوة مركزها المالي، ونجاعة إصلاحاتها الاقتصادية، من أهم المؤشرات الإيجابية المحايدة. وكالة ستاندرد آند بورز أكدت تصنيفها لتقييم المملكة الائتماني السيادي طويل وقصير الأجل بالعملة المحلية والأجنبية عند A-/A-2 مع نظرة مستقبلية إيجابية، ما يعكس قوة الاقتصاد السعودي، ونجاعة السياسات المالية، والإصلاحات الشاملة التي كان لها أكبر الأثر على المالية العامة والاقتصاد السعودي. ومن المهم الإشارة إلى نمو الاقتصاد غير النفطي، الذي يعتبر محور الإصلاحات النوعية والتحفيز الحكومي الهادف لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. الخروج من تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية أمر لافت ولا شك، حيث لم تكتف المملكة بالحد من مخاطر الجائحة، وحماية الاقتصاد من التداعيات المؤثرة، بل نجحت في تعزيز معدلات النمو، والمضي قدمًا في تنفيذ برامجها الإصلاحية ومشروعاتها التنموية الكبرى وفق الخطة المعَدة سلفًا. وكالة ستاندرد آند بورز توقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة لأعلى مستوى له منذ عشرة أعوام ليصل إلى 7.5 % في عام 2022، مع فائض مالي متوقع في الميزانية بحوالي 6.3 %. أرقام النمو والفوائض المالية، إضافة إلى معدلات التضخم المحدودة مقارنة بالتضخم العالمي خير شاهد على نجاح الإصلاحات وتجاوز الأزمة والبدء في تحقيق الأهداف الإستراتيجية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك المشروعات الكبرى التي تنفذها الدولة برغم المتغيرات العالمية الاقتصادية والجيوسياسية، فتصبح الصورة أكثر إشراقًا بمستقبل المملكة. مشروعات نيوم والقدية والبحر الأحمر، ومجمع الملك سلمان للصناعات البحرية، ومدينة الطاقة، ومشروعات التعدين والطاقة المتجددة.. هي محركات للتنمية الاقتصادية والبشرية والسكانية والمجتمعية قبل أن تكون مشروعات خدمية وربحية، تهدف إلى تعظيم الثروات.
لن تبقى احتفائية اليوم الوطني مرتبطة بتاريخ المملكة فحسب، بل وبمستقبلها الزاهر والمشروعات والبرامج الاقتصادية والتنموية والسياسية والأمنية، والإنجازات المشهودة التي يتم تنفيذها لبناء المستقبل وتحقيق أمن واستقرار المملكة.