منذ أكثر من سبعين عاماً أنشئت المعاهد العلمية في كثير من محافظات المملكة، وظلت تؤدي وظيفتها بمناهج وتدريس متميز، تخرَّج منها العديد من أبناء المملكة وكانت مثالاً في جودة التعليم، فالطالب الخريج حصيلته الثقافية ممتازة في اللغة العربية والخط العربي وبقية العلوم، وكانت الجامعات وبخاصة كليات الشريعة واللغة والقانون تستقبلهم لمواصلة تعليمهم الجامعي، وقد برز الكثيرون منهم في السلك القضائي وفي التعليم ودعاة ومرشدين وفي المحاماة وغير ذلك من المواقع الوظيفية في الدولة كما تسنموا مناصب كبيرة وبرز منهم أدباء وكتَّاب وشعراء كما أضيفت لمناهجها بعض اللغات كاللغة الإنجليزية مما عزَّز مكانتها وأعطاها قبولاً أكثر وظلت سنين عديدة تؤدي رسالتها جنباً إلى جنب مع التعليم العام، كما أتاحت خياراً أمام الطلاب وميولهم وطموحاتهم المستقبلية دون حصرهم في تخصصات محددة وظلت حقبة طويلة تسير على نفس النهج المرسوم مع تطوير مستمر في المناهج وطرق التدريس لتواكب المستجدات في مجال التعليم لدرجة أن الخريج صار يقبل في كل أقسام الجامعات.
هذا النوع من التعليم الذي زامن مع نشأة التطوير والتحديث وقيام التنمية في المملكة يفترض زيادة نشره في مدن المملكة وليس لملمته وجعله من نصيب مدن معينة دون أخرى نظراً لحاجة الطالب للبقاء إلى جانب أهله لصغر سنه وعدم تمكّن الأهل من الانتقال وترك منازلهم وممتلكاتهم والرحيل لبلد آخر.
ففي إقليم الوشم وتحديداً في مدينة شقراء افتتح المعهد العلمي ولقرابة سبعين عاماً تخرَّج منه أعداد كبيرة من أبناء الإقليم واليوم يطوي أشرعته لا أدري بالإلغاء أو الرحيل لمكان آخر ولكن الخبر كان صادماً للمواطنين، فهو ليس فرعاً إدارياً يمكن القول بانتهاء خدماته أو الاكتفاء بإنجاز العمل عن طريق التواصل الإلكتروني المعاهد العلمية صار لها تميز وعشاق جعلها خياراً ومطلباً لبعض المواطنين لتعليم أبنائهم مما يحتم وجودها قريبة منهم لصغر سن الطالب وعدم قدرة الأهل على الانتقال.
نرجو أن يُعاد النظر في بقاء المعهد دون إقفال ليستمر في أداء رسالته التعليمية جنباً إلى جنب مع بقية مدارس التعليم، فله عشاق ومحبون فلا تحرموهم من هذا المنهل الجميل.