الجزيرة- الاقتصاد:
حلل مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) نقاط القوة والضعف والثغرات في الخطط المناخية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دراسة حديثة بعنوان «مجلس التعاون الخليجي والاقتصاد الدائري للكربون: التقدم والإمكانات».
وتستند الدراسة إلى مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون الذي طوره المركز ليستخدمه صانعو السياسات وأصحاب المصلحة في مجال الطاقة والمناخ من أجل القياس الكمي للأداء الحالي للدول ومقارنته بمقاييس الاقتصاد الدائري للكربون المختلفة وقدرتها المستقبلية على الوصول إلى الاقتصادات الدائرية للكربون، الذي يضم 47 مؤشرًا يقيس المجالات المختلفة في الطاقة والانبعاثات والاقتصاد.
ويتزامن نشر الدراسة مع استضافة منطقة الشرق الأوسط مؤتمرين مهمين للأمم المتحدة لتغير المناخ قريبًا، وهما (COP27) في شرم الشيخ و(COP28) في أبوظبي، اللذان يستهدفان تحفيز التعاون الدولي في مكافحة التغير المناخي والحد من الانبعاثات الكربونية.
وقامت دول مجلس التعاون الخليجي الست خلال العام الماضي بتحديث أهداف انبعاثات الغازات الدفيئة على المدى المتوسط من خلال تقديم مساهمات منقحة محددة وطنيًا بموجب اتفاقية باريس، وأعلنت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين عن أهدافها للحياد الصفري في الانبعاثات في منتصف القرن.
وقد طور كابسارك وشركاؤه نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وهو مفهوم جديد للتصدي لتغير المناخ، وكان دليل الاقتصاد الدائري للكربون جهدًا مشتركًا بين كابسارك، والوكالة الدولية للطاقة، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، ووكالة الطاقة النووية، والمعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه.
وركزت دراسة كابسارك على كيفية إدارة دول مجلس التعاون الخليجي لطاقتها وانبعاثاتها حاليًا، وكيف تكون في وضع يمكنها من التقدم نحو الاقتصادات الدائرية للكربون أو الحياد الصفري. وأظهرت النسخة الأولى من مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون أن ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي يتراوح ما بين المرتبة الثانية عشرة والسابعة والعشرين من بين 30 دولة، إذ احتلت الإمارات المرتبة الأعلى وسلطنة عمان المرتبة الأدنى بين دول المجلس.
ووجدت الدراسة أنه على الرغم من أن كل دولة سيتسنى لها اختيار المسار الملائم لظروفها لتطبيق منهج الاقتصاد الدائري للكربون، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي تشترك في العديد من أوجه التشابه الهيكلية وغيرها، مما يخلق فرصًا للتعاون وتبادل الخبرات في الطريق إلى الحياد الصفري.
وأشارت الدراسة إلى العديد من الفرص المتاحة للتعاون مثل مبادرات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه وصادرات الهيدروجين، بالإضافة إلى عناصر تكامل رئيسة يمكن أن تحققها السوق المعززة حول شبكة الربط البيني لدول مجلس التعاون الخليجي، ويمكن أن تساعد في توسيع نطاق الطاقة المتجددة وغيرها من أشكال الطاقة النظيفة وزيادة معدل الكهربة في أنحاء المنطقة. وتشير نتائج مؤشر الاقتصاد الدائري للكربون إلى أنه على الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي كمجموعة تتفوق في الأداء على نظيراتها من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والدول المجاورة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معظم المناطق التي يتم قياسها، إلا أنها يجب أن تبذل المزيد من الجهود إذا كانت ترغب في تحسين تقييمها في المؤشر العالمي للاقتصاد الدائري للكربون.
ونوهت ماري لومي -زميل باحث في برنامج المناخ والاستدامة في كابسارك وأحد مؤلفي الورقة- إلى أن استخدام مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون يمكن أن يساعد الدول في زيادة طموحها في أهدافها المناخية وإجراءاتها المستهدفة لأنه يوسع نطاق خيارات التقنيات المتاحة.
كما يمكن أن يساعد الاقتصاد الدائري للكربون في منطقة الخليج في تحقيق القبول من العديد من الصناعات التي لديها خيارات محدودة وفعالة من حيث التكلفة لإزالة الكربون دون استخدام الوقود الأحفوري.
من جهته، أشار فاتح يلماز - أحد مؤلفي الورقة - إلى أنه في المجال المالي -وهو الممكن الرئيس للاقتصادات الدائرية للكربون- كان متوسط دول مجلس التعاون الخليجي أعلى من نظيراتها غير الصناعية، ولكنه أقل من نظيراتها في أكبر 20 دولة منتجة للنفط في العالم، قائلاً بأنه توجد اختلافات كبيرة بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث سجلت المملكة العربية السعودية والكويت درجات أعلى في الحصول على التمويل -وهو أحد مؤشرات التمويل الخمسة- بينما سجلت الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان درجات أعلى في الترابط المالي الدولي.
من ناحيته أكد ثامر الشهري -أحد مؤلفي الورقة- أن المملكة العربية السعودية تحقق درجات أعلى من منتجي الهيدروكربونات الآخرين في العديد من المؤشرات المتعلقة بأداء الانبعاثات في قطاع النفط والغاز.
وهذا يعني أن صادرات المملكة العربية السعودية من الهيدروكربونات ستتمتع بميزة تنافسية مع سعي الدولة إلى تحقيق دائرية الكربون الكاملة أو الحياد الصفري في الانبعاثات.
يذكر أن كابسارك مركز استشارات بحثي في اقتصاديات الطاقة والاستدامة العالمية، يقدم خدمات استشارية للجهات والهيئات في قطاع الطاقة السعودي.