عمر إبراهيم الرشيد
هي رياضة وإحدى الألعاب التي تُقام لها مسابقات عالمية قرب الشواطئ ولكن على أمواج البحار أو المحيطات، وهي لا تتطلب الشجاعة وقوة القلب والنفس فحسب، وإنما لا بد من توفر مهارات حفظ التوازن والقدرة على مناورة الموج لدى فوارس هذه الرياضة الخطرة. وقد تمت استعارة اسم هذه الرياضة لوصف من ينتهز فرصة شيوع فكرة أو نشاط أو سلوك اجتماعي جديد أو طارئ على المجتمع، فينضم إلى أتباعه إما لمصلحة ذاتية أو تأييداً لطرف من الأطراف أو لمجرد (ركوب الموجة) دون اقتناع بالضرورة بتلك الفكرة أو ذاك النشاط أو السلوك أو حتى دون فهم لحقيقته. وبلا شك فإن الثورة الرقمية قد أسهمت بشكل متعاظم في شيوع وانتشار ركوب الموجة الاجتماعية، فلمسة على الجهاز اللوحي والهاتف الذكي لا تكلِّف تفكيراً ومهارات ذهنية ومعرفية وثقافة تمنح القدرة على فرز الحقائق عن الآراء، والإشاعات عن الأخبار الثابتة، والجميل والراقي عن المبتذل والقبيح، فقط لأن مشهوراً أو مشهورة في وسائل التواصل الرقمية تبنوا فكرة أو مارسوا سلوكاً أو تطفلوا بمعلومة وظِّفت في غير مكانها، بل أصبحت الجرأة على الثوابت والشخصيات التاريخية من شواهد ركوب الموجة بكل أسف، وما هذه الظواهر إلا نتاج سطحية ثقافية ومعرفية، وأقصد بالثقافة الأصيلة والمعرفة الشرعية الواعية التي تحمي الفرد وبالتالي غالبية المجتمع من هذه الشهب والنيازك الفكرية الخطيرة والمدمرة للنسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية. وقلت غالبية المجتمع لأنه من الصعب إن لم يكن المستحيل ضمان مجتمع مثالي وذلك على مر التاريخ، وإنما يكفي أن تكون هناك غالبية على مستوى من الوعي للتفريق بين الثرى والثريا. وهنا لا بد من التذكير بأنه ليس كل من حمل شهادة فهو مثقف أو واع، فما أكثر من حاملي شهادات عليا لا يجيدون كتابة جملة عربية خالية من الأخطاء اللغوية والإملائية، أو يجهلون معلومات قرآنية وفقهية أساسية، ولذا تجد أحدهم (وهو كاتب سعودي معروف لست بحاجة لذكر اسمه) يصف محمد أركون وغيره بأنهم أزالوا عن نظره غشاوة الجهل وقدموا نقداً للفكر الإسلامي والتراث (الرجعي) على حد تعبيره.
ولا ننسى داء الشهرة عبر وسائل الإعلام الرقمي والتي لا يتوانى كثيرون من طلاب هذه الشهرة عن المساس بالثوابت، فقط للحصول على شهرة وبأي ثمن وليظهر بعد ذلك للتبرير أو الاعتذار الكاذب ولا ضرر ما دام قد نال ما يريد من متابعين ومشاهدات وحتى إعلانات تدر عليه الملايين. طابت أوقاتكم.