«الجزيرة» - الاقتصاد:
أسدِل الستار على أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية التي نظمتها «سدايا» تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» –حفظه الله– بشعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية» وسط حضور ناهز الـ 10 آلاف شخص يمثلون صنّاع السياسات والخبراء والمختصين في الذكاء الاصطناعي من 90 دولة، وذلك في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض خلال الفترة من 13 إلى 15 سبتمبر 2022 .
وكانت هذه القمة قمة استثنائية من حيث الحضور النوعي من الشخصيات والخبراء من مختلف دول العالم ومن حيث حجم التفاعل الكبير من المشاركين والاتفاقيات التي تجاوزت 40 اتفاقية جمعت شراكة فريدة بين القطاعين العام والخاص نحو استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات التي تقدمها الجهات وينعكس أثرها في جودة الحياة وخدمة البشرية في العالم ناهيك عن إعلان 10 مبادرات محلية ودولية ما بين شركات ومؤسسات عالمية في سبيل تعزيز التعاون الدولي حول الذكاء الاصطناعي واستخداماته. وتجسد رعاية سمو ولي العهد رئيس مجلس إدارة «سدايا» للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية اهتمام سموه الدائم بأن تكون المملكة نموذجاً عالمياً رائداً في بناء اقتصادات المعرفة لخدمة أجيالنا الحاضرة والقادمة وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 .
وبحسب وصف الكثير من المشاركين في قمة الذكاء الاصطناعي فإن مدينة الرياض هي مدينة الذكاء الاصطناعي، في حين أن احتضان العاصمة الرياض للقمة بهذا الحجم من المشاركة الدولية الواسعة يأتي في إطار توجيهات سمو ولي العهد بأن تكون الرياض من أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم.
ويأتي تنظيم «سدايا» للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية ضمن اهتمامها الكبير بدعم مبادرة التحول إلى الاقتصاد المعرفي وبناء اقتصاد قائم على البيانات لتحقيق رؤية سمو ولي العهد في الارتقاء بمكانة المملكة إلى مصاف الاقتصادات القائمة على البيانات.
وشكلت القمة وعلى مدى ثلاثة أيام منصة دولية جمعت الخبراء والمختصين والأكاديميين، والرؤساء التنفيذيين لكبرى شركات التقنية في العالم، وقادة الفكر والمبدعين وصناع القرار في القطاعات الحكومية والخاصة من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الشركات الرائدة والمستثمرين ورجال الأعمال؛ لمناقشة مستقبل الذكاء الاصطناعي في مجالات متفرّقة.
وانضم المشاركون في القمة إلى أكثر من 100 جلسة عُقدت في القمة مع أكثر من 220 متحدثًا محليًا ودوليًا قدموا مجموعة من الرؤى المختلقة حول الذكاء الاصطناعي لتكون بمثابة ميثاق عالمي تستفيد منه دول العالم في رسم سياساتها تجاه الذكاء الاصطناعي واستخداماته المتنوعة.
ففي اليوم الأول للقمة ناقشت الجلسات التي تخلَّلها حواراتٌ علمية متنوعة أبرز استخدامات التقنية للحفاظ على البيئة، منها جلسة بعنوان «استخدام التقنية لإعادة إحياء الغابات»، ضمن منتدى مبادرة «السعودية الخضراء» أكد خلالها معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحة أهمية أن يكون الجميع في التغيير المناخي ومعرفة حقيقة ضخامة هذه الأزمة والتركيز على حلول الاقتصاد في الكربون وتعزيزه.
كما عُقدت جلسة بعنوان «القطاع العام والحوكمة العالمية.. تحديد الرؤية الكبيرة لتقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية والقادمة، والبحوث والسياسات والآثار الاجتماعية» تطرق فيها المشاركون إلى كيفية اكتشافها من خلال إمكانية توحيد الرؤى والأطر المتباينة للذكاء الاصطناعي وكيف يمكن للتكنولوجيا والقادة الأكاديميين في جميع أنحاء العالم الاستفادة منها وتوظيفها لصالح البشرية.
وفي جلسة بعنوان «الذكاء الاصطناعي للتوائم الرقمية» عدّ الرئيس التنفيذي لشركة نيوم المهندس نظمي النصر الذكاء الاصطناعي بمثابة القلب النابض لنيوم، مشيرًا إلى أنها ستقود المستقبل في التصاميم والتقنيات الحديثة، حيث تم خلال السنوات الخمس الماضية تخطي التوقعات من خلال تحويل الرؤية إلى إستراتيجيات بالتعاون مع العديد من الشركاء.
ولفت النظر إلى أن مشروع ذا لاين الذي سيكون مستقبل العالم وسيعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، وهو الرهان الأول، إضافة إلى أن المشروع سيُحدث ثورة في عالم التصاميم للمدن والتخطيط الحضري وأسلوب العيش.
وفي السياق ذاته أكد رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» البروفيسور توني تشان في إحدى مشاركاته بجلسات القمة أن تقنية الذكاء الاصطناعي أسهمت بشكل فاعل في تطوير قطاعات الصناعة والابتكار والصحة والبنى التحتية، وأسهمت بدور حيوي في مواجهة وحل الكثير من التحديات، مجملاً ذلك بأن هذه التقنية باتت أكثر أهمية في وقتنا الحاضر لخدمة الإنسان. وجرى خلال اليوم الأول من القمة توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات بين كبرى الشركات العالمية والجهات الحكومية في المملكة منها توقيع الشركة السعودية للذكاء الاصطناعي المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة اتفاقية مع شركة (سنس تايم) الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بالعالم لإنشاء شركة جديدة في المملكة بقيمة استثمارية تقدَّر بـ 776 مليون ريال لتمويل مختبر ذكاء اصطناعي متطور، وابتكار وظائف متميزة للسعوديين الموهوبين لوضع المملكة في مركز الريادة بمجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المنطقة.
كما وقَّعت وزارة الطاقة و»سدايا» من خلال مركزهما المشترك (مركز الذكاء الاصطناعي للطاقة) اتفاقية إستراتيجية مع شركة IBM لتسريع تبنّي الاقتصاد الدائري للكربون باستخدام الذكاء الاصطناعي، كما وقّعت «سدايا» ممثلةً في مركز الذكاء الاصطناعي للطاقة المشترك مع وزارة الطاقة مذكرة تفاهم مع شركة هاليبرتون (المدرجة في بورصة نيويورك) لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي في البترول والغاز محلياً وعالمياً.
وشَهِدَ اليوم الثاني من أعمال القمة جلسات وحوارات علمية متنوعة، منها جلسة بعنوان «دور التصنيع المتقدم والذكاء الاصطناعي في مجال الصناعة والتعدين» شارك فيها معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريِّف، أكد فيها أهمية التصنيع المتقدم والذكاء الاصطناعي في مجال الصناعة والتعدين ودورها في دعم وزيادة الإنتاجية، مبينًا معاليه أن التصنيع المتقدم والذكاء الاصطناعي في مجال الصناعة والتعدين يسهم في تحسين الموثوقية وتعزيز سلامة الموظفين، وجعل صناعاتنا أكثر استدامة.
وشهدت القمة في اليوم الثاني تدشين معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، ومعالي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي، ومعالي الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض الأستاذ فهد بن عبدالمحسن الرشيد مسابقة «سمارتاثون» تحت عنوان «تحدي المُدن الذكية»؛ بهدف تطوير حلول حديثة لتحسين المشهد الحضري بمُدن المملكة والتوصل إلى حلول تقنية تسهم في الكشف عن مظاهر التشوه البصري والحد منها. ووَقَّعَت «سدايا» اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات «ITU» لتطوير إطار عمل عالمي لقياس جاهزية الذكاء الاصطناعي ومساعدة دول العالم على مشاركة وتبنِّي أفضل ممارسات الذكاء الاصطناعي، والأطر التنظيمية والإصلاحات المؤسسية اللازمة للبلدان لتسخير جميع إمكانيات الذكاء الاصطناعي من أجل خدمة البشرية.
وفي إحدى الجلسات الحوارية تحدَّث معالي مدير الأمن العام الفريق محمد بن عبدالله البسَّامي عن عمل وزارة الداخلية ممثلةً في الأمن العام «القوات الخاصة لأمن الحج والعمرة» والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» لوضع شراكة إستراتيجية لتطوير عدد من الخوارزميات الهادفة إلى تحسين الخدمة المقدمة لقاصدي بيت الله الحرام والمسجد النبوي، وذلك في إطار ما يجده الحرمان الشريفان من متابعة واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظَهما الله-.
كما شهد اليوم الثاني للقمة إعلان انضمام المملكة ممثلةً في «سدايا» إلى شراكة التنمية الرقمية تحت مظلة البنك الدولي، وهي شراكة تعاونية بين القطاعين العام والخاص؛ لمساعدة الدول النامية على الاستفادة من الابتكارات الرقمية؛ لحلِّ بعض القضايا الأكثر تحدياً، وبصفتها عضواً جديداً في هذه الشراكة ستسهم المملكة بدعم المبادرات التي تهدف إلى تعزيز تطوير قدرات البيانات، وتسريع استخدام الأدوات الرقمية، ومشاركة خبرات المملكة وقدراتها من أجل تحقيق النمو المستدام والتنمية الاقتصادية. علاوة على ذلك أطلقت المملكة مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي قامت بإعدادها؛ لتسهم هذه المبادئ بتسهيل التطبيق العملي للأخلاقيات في أثناء مراحل دورة حياة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، كما تسهم في دعم مبادرات تنمية البحث والتطوير والابتكار في المملكة بما ينعكس على مستوى جودة الخدمات التي تقدمها المملكة للأفراد ويضمن الاستخدام المسؤول لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وفي جلسة بعنوان «تصور النظام البيئي لاعتماد الذكاء الاصطناعي» أطلقت وزارة الصحة والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» النموذج الأولي لبرنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، كما تضمَّن توقيعَ حزمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين القطاعين العام والخاص شملت المجالات الصحية والتقنية والفنية، إلى جانب إطلاق جملة من المبادرات، وعقد ورش عمل استعرضت استخدامات الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية حظيت بتفاعل جماهيري كبير مع أركان وأجنحة المعرض المصاحب للقمة. وأُطلِق أولُ مركز متخصص في حلول الاستدامة وتطبيقاتها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في البيئة والمياه والزراعة تحت مسمى «مركز الذكاء الاصطناعي في البيئة والمياه والزراعة»AIEWA» وكذلك أطلقت «SDAIA و MEWA و Google Cloud and Climate Engine» برنامج مراقبة الأرض والعلوم الذي يعتمد على تكنولوجيا مراقبة الأرض والذكاء الاصطناعي (AI) لتوفير حلول الاستدامة التي من شأنها معالجة مخاطر تغير المناخ، وتعزيز حماية البيئة في المملكة والمنطقة، مثل: تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030م، وزراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة بحلول عام 2030م.
وُكشف عن إنشاء سدايا ووزارة الصحة مركز التميز للذكاء الاصطناعي في الصحة (AIH) لدعم وتوحيد الجهود الوطنية لتطوير المعرفة والخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقيادة البيانات التي تركز على الصحة وابتكارات الذكاء الاصطناعي، كما أعلنت «سدايا» ممثلةً بالمركز الوطني للذكاء الاصطناعي إطلاقَ نظام «صوتك» المتقدم لتحويل الكلام إلى نصوص اعتماداً على تقنيات التعرُّف على الصوت بالتعاون مع الشركة السعودية للذكاء الاصطناعي «سكاي» المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.
وفي اليوم الثالث من القمة زار معالي وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي ومعالي وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بسلطنة عُمان قيس بن محمد اليوسف والوفد المرافق القمة واطلع الجميع على المعرض المصاحب وما ضمّه من أركان وأجنحة شاركت فيها كبرى الشركات المحلية والدولية المختصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والاتصالات وما توصلت إليه ثورة علوم الذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات، ثم حضرا جلسة بعنوان: المهارات المستقبلية في علم البيانات والذكاء الاصطناعي.
وفي جلسة حوارية في هذا اليوم أكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة محمد بن سلمان «مسك» الدكتور بدر البدر أن «مسك» تقوم بالعمل على برامج تعليم الذكاء الاصطناعي، مبينًا أن مدارس مسك الفريدة من نوعها لديها درجات مصغرة في الذكاء الاصطناعي.
كما عُقدت جلسة أخرى بعنوان «كيف يمكننا تمكين قادة الشباب من خلال تعليم الذكاء الاصطناعي» أكد فيها الرئيس التنفيذي لبرنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية «ندلب» المهندس سليمان المزروع أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في مضاعفة إنتاجية قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين، ويمكن من خلالها جعل محطات الطاقة والموانئ أكثر ذكاء، مبينا أن رؤية المملكة 2030 ستسهم في رفاهية المجتمع المحلي ومع وجود الذكاء الاصطناعي وقوة أبناء الوطن ليصبحوا قادة المستقبل. وفي جلسة أخرى بعنوان (برنامج Elevate العالمي لتمكين المرأة في مجال الذكاء الاصطناعي) أكدت صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت عبدالعزيز آل مقرن المندوبة الدائمة للمملكة العربية السعودية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» حرص المملكة على تعزيز تمكين المرأة في جميع أنحاء العالم خاصة في مجال العلوم وذلك من خلال مبادرات مختلفة، إضافة إلى إسهامها في صياغة توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لضمان عدم تخلف أحد عن الركب.
وقبل اختتام أعمال القمة بساعات أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» وشركة جوجل كلاود برنامج (Elevate) وهو تعاون جديد يهدف إلى تمكين المرأة في العالم من ممارسة وظائف جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وذلك من خلال تمكين المرأة في الأسواق الناشئة وتدريب أكثر من 25 ألف امرأة على مدى السنوات الخمس المقبلة. كما أبرمت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وجامعة القصيم ممثلة بكرسي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل للذكاء الاصطناعي اليوم اتفاقيةً لتعزيز الشراكة في مجال البحث والتطوير التقني، ووقعت الجامعة السعودية الإلكترونية مذكرة تفاهم مع مركز تميز الصحة الرقمية التابع لوزارة الصحة تتناول مشاريع ومبادرات التعاون وتوظيف الإمكانيات والخبرات للطرفين بما يحقق المصلحة المشتركة لهما.
وفي ختام أعمال القمة كرّم معالي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي الفائزين في أرتاثون الذكاء الاصطناعي في نسخته الثانية ضمن مبادرات القمة، حيث حقق المتسابقان عبيد الصافي وإلين ليكسبا المركز الأول عن عملهما الفني (Where Loss Goes)، فيما حقق العمل (City Of Poems) وأعضاء فريق العمل ريم الرويلي، ووفاء الغامدي، وفاطمة الغامدي، المركز الثاني، وجاء المركز الثالث من نصيب العمل (Spatial Of Ecologies) وأعضاء الفريق ياسر سنجاب، وفراس سيف الدين.