عثمان بن حمد أباالخيل
شرائح من مختلف طبقات المجتمع تحب المال بصورة غير واقعية بعضهم لا يعرف كم يملك. لست ضد حب المال ومن يقول عكس ذلك فهو يخالف الفطرة الإنسانية لكنني ضد عدم ظهور المال على من يملكه في تفاصيل حياته قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}. هذه الشريحة تراها تحسبها في فاقة في فقر وبحاجة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله يُحِبُّ أَن يَرَى آثَارَ نِعمَتِه على عَبدِه».
أغنياء حرموا أنفسهم لذة الحياة والعيش وعكسوا ذلك على فلذات أكبادهم في المسكن والمركب والمأكل والمشرب تصرفات إنسان فقير عاش في هذه الحياة على حد الكفاف. تلفّت من حولك ستجد نماذج كثيرة في مجتمعنا تملك الأموال لكنها بخيلة على نفسها. إن الزكاة حق للفقير فرضه الله في مال الغني أتساءل هل الغني الفقير سوف يدفع زكاة أمواله أم أنها أموال تعز على الغني فكيف يدفعها وهو لم يدفع لنفسه حقها. معادلة صعبة لكنه واقع تلك الشريحة.
العلاقة بين الأغنياء والفقراء عادة تكون مسيّجة بسور قوي، فالأغنياء لا يتعرّفون إلا على الأغنياء ولا يخالطون إلا الأغنياء فهم بذلك يحافظون على مكانتهم الاجتماعية ونفوذهم القائم على المال فالإنسان المادي الغني لا يمانع أن يعيش ويتعامل مع الفقراء وحين تصيبه نوبات الغنى ويجلس مع الأغنياء تراه متردداً شارد الذهن يدور حول نفسه، يطرح أسئلة كثيرة عليها لكنها لا تعينه ولا تنقذه من وضعه الذي اختاره بإرادته. كم هو مُحزن أن يتصرف الغني الفقير في زمنٍ أصبحت فيه المادة هي السعادة وهذا خطأ يقع فيه الأغنياء فالسعادة ليست جمع مالٍ فالسعادة لها تعاريف مختلفة حسب الإنسان، أو كما قال الشاعر: ولست أرى السّعادة جمع مالٍ ولكنّ التقيّ هو السعيدُ.
لا شك أن المال ضروري لقيام حياة الناس في مصالحهم ومعاشهم فبدون المال يتحول الإنسان إلى إنسان فقير لكن ما بال أغنياء يتحولون إلى فقراء وحين تسمع رأيهم فهم لا يحبون الإسراف أي إسراف هذا الذي يعرفونه أليس الإسراف هو الزيادة في صرف الأموال على مقدار الحاجة في المأكل والمشرب ومتطلبات الحياة. لماذا تقترون على أنفسكم وتظهرون الفقر والله أغناكم. ما هي مشاعر فلذات أكبادهم؟ ما هي مشاعر الزوجة أو الزوجات؟ أليس حب المال يؤدي إلى شهوة المال إن شهوة المال خطيرة يغضبون من أجلها وكم قطعت أرحاماً كم فرقت والداً عن أبنائه هم في ضائقة مالية وهو يحرس المال.
الانسجام مع الذات يعني إدارة العواطف والمشاعر بطريقة إيجابية وليس بطريقة سلبية تحرم الإنسان متعة الحياة حين ينفق على نفسه وعلى أسرته. إن انعدام الانسجام مع النفس يؤدي إلى نشوء الصراع بينه وبين الآخرين وربما أقرب الأقربين من أجل المال، لا بل من أجل الحياة المتوازنة بين الإنفاق والحاجة. الماديون من حولنا يعتقدون أنهم على صواب في حرمانهم أنفسهم من لذة الحياة المعتدلة ألا يعلمون أنهم ميتون.
أخيراً الإنفاق إنفاق مطلق وليس المال وحده قال الله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}، فكيف حين يكون الإنفاق على أهل بيتك بكل مكوناته. الزكاة يا من تحب المال لماذا تحجبها عن أصحابها. يا من تحب المال أنفق في سبيل الله وتمتع بمالك. اقتبس:
(ولم أر مثل جمع المال داء
ولا مثل البخيل به مصابا)
(أحمد شوقي)