فوزية الشهري
نعيش في عالم يئن بالجراح من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، ويشهد تحولات كبرى سياسية واقتصادية، وتباينت جراحه بين الكوارث الطبيعية والصراعات والحروب والمجاعات وما يصاحبها من الأضرار المباشرة أو طويلة الأمد على الإنسان ويتجرَّع بسببها الكثير من الماسي.
المملكة العربية السعودية ومنذ تأسيسها إلى عصرنا الحاضر بذلت الكثير في مجال العمل الإنساني التطوعي وبصفة عالمية بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق.
علاقتها مع العمل الخيري علاقة متميزة ومتجذرة وكانت سبَّاقة للعمل باتجاه الخير. حتى استحقت بجدارة أن تنال لقب مملكة الإنسانية، وقد قدمت المملكة للعديد من الدول والمنظمات منذ الثمانينات مساعدات قدِّرت بـ49 مليار دولار واحتلت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية. بلغ متوسط نسبة المساعدة الإنمائية الرسمية من الناتج القومي الإجمالي 4.2 % خلال هذه الفترة، وهو أعلى بكثير من أعلى مبلغ قدمته بلدان لجنة المساعدة الإنمائية (معدل اللجنة هو 0.35 % وعلى أساس نصيب الفرد تعد أكبر مانح في جميع أنحاء العالم.
تنامى العمل الإنساني السعودي وشهد تطوراً عظيماً بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وسعى المركز لتوحيد مسيرة العمل الإنساني والإغاثي حكومياً وشعبياً؛ وذلك بتوجيهات القيادة العظيمة التي جعلت الإنسان أولاً في كل الأوقات.
وقد نفذ المركز أكثر من 2000 مشروع إنساني وإغاثي بقيمة وصلت إلى 6 مليارات دولار، وكان الهدف للمركز القطاعات الحيوية كالغذاء والتعليم والصحة والتغذية والمياه وغيرها من القطاعات المهمة واستفاد منها الملايين من البشر، ومن أبرز المشاريع الإنسانية للمركز والتي يُشار إليها بالبنان مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام والذي تمكَّن من نزع 35 ألف لغم زرعتها المليشيات الحوثية في كل مكان من مناطق سكانية ومدارس وطرق، ويأتي أيضاً برنامج الأطراف الصناعية وهو من البرامج النوعية الذي يهدف إلى دعم ومعالجة وتوفير أطراف صناعية للمصابين بالبتر، وبلغ عدد المستفيدين من البرنامج أكثر من 25 ألف شخص في اليمن و748 مستفيداً في سوريا. ومن مشاريع المركز التي اعتبرها من وجهة نظري من أسمى الأعمال الإنسانية لهذا البلد المعطاء مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين في اليمن وهذا المشروع يعيد تأهيلهم ودمجهم مع الحياة والمجتمع وإلحاقهم بالمدارس ومتابعتهم وتخليصهم من الاختطاف الفكري الذي دمَّر طفولتهم وسيدمر مستقبلهم.
ما حدث أخيراً من فيضانات في السودان ومجاعة الصومال وما حدث في باكستان وما يقدِّمه المركز من عمل إغاثي يعد مفخرة لكل سعودي.
أسأل الله أن يحفظ بلادنا وقيادتنا من كل سوء.