الوقف عقار أو مزرعة أو مال يدر من مصدر يغلب على طبيعته الاستمرار وعدم الانقطاع، والوقف ينقسم إلى قسمين رئيسيين: وقف عام يعود دخله لمصلحة المجتمع، ووقف خاص يعود ريعه لأناس بأعينهم (وهو ما سيعنى به هذا المقال).
ولعل من أبرز أهداف الواقف، أن يحافظ على جزء مما سيخلفه إذا مات ليكون موردًا ماليًّا لورثته،
إن سنة الوقف سنة حميدة فائدتها ظاهرة لم ينكرها أحد من الأجيال السابقة، أما جيلنا ومن سيأتي من بعدنا من الأجيال فإننا أصبحنا نواجه متغيرات كبيرة، فما كان مفيداً بالأمس لم يعد كذلك اليوم، وهذه سنة الحياة.
إن الواقف حينما حدد شروط تنفيذ وقفه لا شك أن هدفه كان مصلحة الموقوف عليهم، ومن مصلحة الموقوف عليهم مراعاة الظروف ومتغيراتها، وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم شؤون ديننا، وترك لاجتهاد الناس شؤون حياتهم، روى مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون النخل، فقال: (لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصًا) - تمرًا رديئًا - فمر بهم، فقال: (ما لنخلكم؟)، قالوا: قلت كذا وكذا.. قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم).
وإني لأتساءل أيهما أصلح، التصرف بما فيه المصلحة أم التمسك بنص الواقف الذي يخالف قصده بوقفه، فتذهب الحقوق هدرًا، إن الواقف يوقف على عدد محدود من الأشخاص، ثم تأخذ قاعدة المستفيدين تتسع، نتيجة التكاثر إلى أن يصبح نصيب الفرد من الوقف شيئًا لا يكاد يذكر، وهنا يُرجَّح أن لا يهتم المستفيدون بالوقف، وإن وقعت خلافات شخصية بين المستفيدين سواء كان مصدرها الوقف أم غيره فكثيرًا ما يلجأ بعضهم إلى الإضرار بالآخر في أمور تخص الوقف.
إني أعتقد أن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر فيه، بفكر واقعي يرجح المصلحة المؤكدة، كما يراعي قصد الواقف من وقفه، ويراعي ما توجبه الولاية على الولي والله الموفق.