«الجزيرة» - الاقتصاد:
حققت أرامكو السعودية نقلة نوعية على مدى العقد الماضي، إذ تحوَّلت من شركة تقليدية للنفط والغاز إلى شركة عالمية رائدة ومتكاملة في مجال الطاقة والبتروكيميائيات.
وكان العامل الأكبر والأهم الذي أسهم في نجاح هذا التحوُّل يكمن في موظفي أرامكو السعودية، وحرص الشركة على الاستثمار في المبتكرين وقادة المستقبل، وتزويدهم بالمهارات والأدوات اللازمة لتحقيق التميُّز. ويُعدُّ مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج، الذي يحتفي بالذكرى السنوية العاشرة له هذا العام، أحد محاور قصة النجاح هذه؛ فمنذ تأسيسه عام 2011م، وهو بمثابة حجر أساس للمعرفة لحديثي التخرّج في قطاع أعمال التنقيب والإنتاج، كما أنه يضطلع في الوقت نفسه بدور مؤسسة للتعليم المستمر، من خلال توفير مسارات مهنية متخصِّصة، وبرامج تدريبية منظمة تُعنى بالمستفيدين من بدء تعيينهم وحتى التقاعد.
تحقيق القيمة وتحسين الأداء
وقد صُمِّمت برامج المركز بعناية لتلبية الاحتياجات الفريدة لإدارات أرامكو السعودية في قطاع أعمال التنقيب والإنتاج.
ونظرًا لاعتماده منهجيات مبتكرة، وتقنيات تعلّم قائمة على التفاعل، فقد حظي المركز بإشادة عالمية أثنت على نجاحه في اختصار الفترة الزمنية اللازمة لتطوير الكفاءات؛ فبينما تستغرق فترة التطوير سبعة أعوام في المتوسط على صعيد القطاع، يتطلَّب الأمر في المركز فترة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أعوام فقط بحسب التخصص الوظيفي.
ويقدِّم المركز برامج فاعلة وملائمة، تهدف إلى تطوير الموظفين وتزويدهم بالمهارات بما يلبي الاحتياجات المتجددة للشركة، كما يُعد المركز شاهدًا حيًّا على مدى استثمار أرامكو السعودية في موظفيها.
وتوفِّر برامجه فرصًا شاملة للمهنيين الشباب لاستكمال التطوير المهني في مختلف التخصصات. ويكمن سر نجاح مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج في التعاون القائم بين خبراء التدريب ومختلف الإدارات في قطاع التنقيب والإنتاج، بهدف تحديد المهارات والمعارف التي يحتاج إليها المهنيون الشباب في هذا المجال.
بناء الخبرات من لَبِنات التقنية
وبينما ترعى أرامكو السعودية مرشحين للدراسة في أفضل الجامعات حول العالم، فإنها تؤمن أن معظم الخريجين يحتاجون إلى الخبرة الواقعية التي يستفيدون منها للعمل بشكل فعّال في هذا المجال.
ويتطلَّب تأقلم هؤلاء الخريجين الجدد مع طبيعة العمل، وجود تقنيات مبتكرة تحاكي التحديات الحقيقية، ومنهجًا يتيح لهم تطبيق معرفتهم النظرية على تلك التحديات المحددة التي ترتبط ببيئة شبه الجزيرة العربية. وهناك عديدٌ من التقنيات المبتكرة المستخدمة لتحقيق هذا الهدف، حيث يستفيد المشاركون في برامج مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج من التقنيات التالية:
« تقنية الواقع المعزز: تمكِّن هذه التقنية من محاكاة الاستخدام الصحيح للمعدات في بيئة آمنة، بهدف مواجهة التحديات الموجودة في ميدان العمل.
« البيئة الكهفية الافتراضية بمساعدة الحاسوب (CAVE): هي بيئة افتراضية تفاعلية تساعد علماء الجيولوجيا ومهندسي البترول والحفر على تصوّر المكامن تحت الأرض، ووضع إستراتيجيات لتحديد أكثر الطرق فاعلية للاستفادة منها.
« جهاز محاكاة الحفر: يُستخدم لمحاكاة غرفة التحكم في جهاز الحفر، ما يساعد مهنيّي الحفر في التعرف على معدات الحفر وأجهزته المُستخدمة في الميدان قبل التوجه إلى حقل النفط.
بشكل عام تستخدم أجهزة المحاكاة وأنظمة الواقع المعزَّز الجاهزة والمصممة للأغراض العامة بهدف التدريب، ولكن تعمل أرامكو السعودية على تصميم وتطوير عديد من هذه الأنظمة داخل الشركة.
كما سعى مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج إلى إعداد 70 في المائة من منهجه الدراسي داخليًّا، إذ إن المناهج والتقنيات التي يطوِّرها خبراء أرامكو السعودية وفنيُّوها تسرِّع من وتيرة التعلم، وتزوّد المهنيين الشباب في قطاع التنقيب والإنتاج بالمعلومات والمهارات التي يحتاجون إليها في حياتهم المهنية المستقبلية.
ويستعين المركز بمهنيّي التنقيب والإنتاج، الذين يتمتعون بأكبر قدر من المعرفة والخبرة والمهارات التدريبية، للمساعدة في تصميم التدريب الفني النوعي وتنفيذه، بحيث يحاكي بدقة المهمات الوظيفية الرئيسة.
هذا النهج المعياري العالمي، الذي يتوافق على نحو ديناميكي مع احتياجات قطاع الأعمال، يؤدي بدوره إلى دفع عجلة إمداد قطاع التنقيب والإنتاج بالمواهب المتعاقبة، بما يُسهم في الاستعداد لتحديات القرن الحادي والعشرين، ويتماشى مع الأهداف الوطنية المنشودة.
بناء أجيال من المهنيين الشباب
يبني المركز برامجه وفقًا للمُخرجات المرجوَّة من الأدوار الوظيفية المختلفة، كما يحرص على أن يتعلم المهنيون الشباب ما هو مطلوب منهم في غضون ثلاثة إلى أربعة أعوام من بداية مسيرتهم المهنية، بما يحقق النتائج المرجوة للأعمال.
ومن خلال ضمان قدرة خريجي المركز على العمل بشكل مستقل في الحقول خلال فترة زمنية أقصر مقارنة بنظرائهم في القطاع، كما تسعى أرامكو السعودية لإيجاد حلول لإحدى التحديات التي يواجهها القطاع بصفة عامة، ألا وهي نقل المعرفة من المهنيين الأكبر سنًا إلى الجيل الشاب.
وفي هذا الصدد، تحرص الشركة أيضًا على أن يتمتع المهنيون الشباب بالأسس المطلوبة ليكونوا قادرين على التكيف مع التقنيات الجديدة في العصر الراهن، الذي يشهد تحوُّلًا رقميًّا متسارعًا، بغرض تطويعها للتوصل إلى حلول جديدة.
وإزاء ريادته وسبْقِه في تبنّي التقنيات والمناهج الدراسية التي تناسب الغرض المحدد، حظي مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج بالتّكريم ضمن أفضل 25 أكاديمية في قطاع الطاقة، كما نطمح ونسعى إلى أن يصبح المركز واحدًا من أفضل 10 أكاديميات تدريب بحلول نهاية عام 2025م.
وتُبشِّر مسيرة مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج خلال الأعوام العشرة الماضية بمستقبل واعد لأرامكو السعودية. وقد أصبح مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج أحد عوامل التمكين الرئيسة للمحافظة على الميزة الإستراتيجية لأرامكو السعودية، بصفتها شركة رائدة في تبنّي التقنيات الذكية، والسعي لإحداث ثورة تقنية شاملة متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، في سبيل اكتشاف موارد الطاقة وإنتاجها للعالم، لتلبية الحاجة الماسة للأجيال المقبلة.