تتمتع منطقة الحدود الشمالية بوجود ثلاثة مطارات في كل من عرعر ورفحاء وطريف وأهم تلك المطارات هو مطار عرعر الإقليمي الذي تأسس عام 1981م ليتم تطوير المطار وتوسعته وافتتاحه بحلته الجديدة وبنفس الموقع عام 2020م، وبما يتوافق مع تطلعات القيادة في رفع كفاءة وتحسين مطارات المملكة عموماً وتماشياً مع الرؤية الطموحة الثاقبة 2030 لتقديم أفضل الخدمات للمسافرين، وتستوعب صالة المطار الجديد أكثر من مليون مسافر سنوياً مستقبلاً وأكثر من 10.000 رحلة، ويتطلع المسافرون من الأهالي والزوار للمنطقة إلى تسيير رحلات دولية من مطار عرعر الإقليمي ليكون مطار دولياً وهذا ما تنوي هيئة الطيران المدني الإعلان عنه قريباً في تسيير أول رحلة دولية.
تسهم مطارات المنطقة الثلاث في التنمية اقتصادياً وتجارياً واجتماعياً من خلال الرحلات التي تربط مدن المنطقة بمدن المملكة، لكن بعض جداول الرحلات تأثرت بأزمة كورونا وتأمل بالعودة إلى سابق وضعها، ومع تطوير المطارات والتوسع السكاني أصبح لزاماً زيادة عدد الرحلات مع زيادة الطلب المتزايد لرحلات الرياض وجدة والدمام والمدينة والقصيم، كما أنه من المأمول أن تخلق المطارات في حال عملت بطاقتها الكاملة في إنعاش الوظائف اللوجستية خصوصاً مع تزايد أعداد الباحثين عن العمل من التخصصات التقنية والتطبيقية.
الحركة التعليمية والثقافية والإعلامية
تأسست جامعة الحدود الشمالية والنادي الأدبي الثقافي مع زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام 1428 هجري وساهم تأسيس الجامعة في تسارع وتيرة التعليم العالي بالمنطقة بعد أن كانت درجة البكالوريوس في المنطقة محصورة على كلية المعلمين والتي انضمت للجامعة بعد إعلان تأسيسها، ليصبح هناك 13 كلية مع انطلاق الجامعة، وبفضل حكومتنا الرشيدة -أعزها الله - وصل عدد الطلاب والطالبات الجامعيين لأكثر من 23 ألف طالب وطالبة وبلغ عدد أعضاء التدريس 1160 موظفاً، وتعمل الجامعة على التنويع في مخرجاتها خصوصاً المجال التعديني، وهي استراتيجية تبنتها الجامعة لتتماشى مع واقع المنطقة الزاخر بالثروات التعدينية بالإضافة للتخصصات التطبيقية الجديدة، وما زال هناك حاجة للتوضيح من جامعة الحدود الشمالية للتعريف بهويتها الجديدة خصوصاً بعد أن تم الإشارة إلى تحويل بعض الكليات إلى تخصصات تطبيقية في بعض الجامعات ومنها جامعة الحدود الشمالية.
وتتنوّع الكليات في أروقة الجامعة وأهمها كلية الطب والهندسة والأعمال بالإضافة للمعاهد العلمية وكليات المجتمع والعمادات المتنوعة.. وفي التعليم العام وصل عدد المرافق التعليمية والإدارية إلى 600 مرفق وأكثر من 100.000 طالب وطالبة، ومع انطلاق الجامعة انتهت معاناة من يسافرون للعاصمة والمدن الأخرى للدراسة وهذا حدث تاريخي مهم للحدود الشمالية، خصوصاً لطلاب الطب، إذ تقبل الجامعة 180 طالباً وطالبة سنوياً في كلية الطب وحدها بعد الزيادة الحاصلة مؤخراً، ناهيك عن التخصصات الأخرى مثل الهندسة والتمريض، علاوة على ذلك فلقد تم إنشاء معهد للتعدين مع وجود كلية للتقنية للبنين والبنات.
تزامناً مع هذا الحراك الأكاديمي الذي أحدثته جامعة الحدود الشمالية بالمنطقة أضاف وجود النادي الأدبي كونه مظلة للأدباء والمثقفين زخماً ثقافياً وأدبياً، مضيفاً القيمة الملموسة في كل مناشطه وزاد عدد الفعاليات والندوات وورش العمل والمؤتمرات والملتقيات الثقافية والأدبية منذ افتتاحه وشملت أنشطته كافة محافظات المنطقة، كما تم إحداث فرع لهيئة الصحفيين السعوديين وجمعية للإعلاميين نظير ما تشهده المنطقة مؤخراً من فعاليات لاقت اهتمام الوسائل الصحفية، كما تضم المنطقة جمعية الثقافة والفنون ومركز للتلفزيون ومتاحف خاصة ومتحف عام بطراز عالمي في طور التشطيب كما وتقام بالمنطقة مهرجانات تراثية ووطنية سنوية في الأعياد واليوم الوطني ومهرجانات لفصلي الربيع والصيف ومهرجانات نوعية أخرى مثل تلك التي تنظمها المحميات الفطرية الملكية سنوياً.
الجسور ودرء أخطار السيول تلتهم الميزانيات
حظيت أمانة الحدود الشمالية وفرع وزارة النقل بميزانيات ضخمة وصلت في أحد الأعوام المالية إلى مئات الملايين لكل قطاع، لكن أغلب الموازنات المعتمدة كانت للجسور الضرورية ودرء أخطار السيول بسبب تضاريس مدينة عرعر التي تمر بها الأودية وتلك المشاريع المكلفة كانت على حساب المشاريع البلدية الأخرى، لكن ذلك لا يعني توقف المشاريع المهمة الأخرى مثل الحدائق والمسطحات الخضراء والسفلتة والإنارة والنظافة والصيانة والاستثمارات والمناطق الصناعية، وهذا العام تم اعتماد مبلغ إضافي جديد بقرابة 100 مليون ريال لدرء أخطار السيول بسبب ما نتج عن سيول عرعر عام رمضان عام 1443، حيثسيتم تنفيذ مشاريع جديدة لمعالجة أي احتقان للسيول داخل الأحياء وذلك بمتابعة حثيثة من سمو أمير المنطقة، ويتطلع أبناء المنطقة لتسارع نمو منطقتهم من خلال عودة الموازنات المستمرة لإكمال مسيرة المشاريع الضرورية، إذ تطمح الأحياء الجديدة الشمالية في مدينة عرعر إلى ربطها بجسور وسفلتة للشوارع الفرعية مع الإنارة والأرصفة وإيصال المياه والتشجير، وهي نفس المطالب البلدية في محافظات رفحاء وطريف والعويقيلة.
وزارة النقل في المقابل أنهت أغلب مشاريعها في الازدواج والمعالجات والجسور والصيانة المستمرة وستحظى مدينة عرعر بطريق دائري شمالي وآخر جنوبي وبحسب دراسة وتصميم من فرع الوزارة فإن طريق الدائري الشمالي سيكون بمسافة 73 كلم والجنوبي بمسافة 57 كلم، وهو ما سيضمن توسعاً عمرانياً أكثر وضماناً لتسهيل حركة السيارات ومنع الاختناقات المرورية داخل الأحياء، كما نفذت وزارة النقل عام 2022 مشاريع في المنطقة كان أهمها تنفيذ مشاريع تجويد الطرق الدولية غرباً ورفع منسوبها عن السيول وذلك بمبلغ 85 مليون ريال.
القطاع الصحي.. كورونا اختبار مهم والنتائج كانت مرضية
تملك الشؤون الصحية بمنطقة الحدود الشمالية مؤشرات عديدة لقياس مستوى الخدمة بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري أو سنوي وأهم هذه المؤشرات مؤشر رضا المستفيدين وبمتابعة من سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد استطاعت صحة الشمالية مواجهة جائحة كورونا بمستوى عال من المهنية الطبية من خلال كوادرها المتنوعة تثقيفياً واحترازياً وبروتوكولياً وعلاجياً بأقل الخسائر والحمد لله أسوة بباقي مناطق المملكة.
مستشفيات متعددة بالمنطقة ومراكز صحية عملت بشكل مرض جداً أمام الجائحة وكان برج الشمال الطبي الحديث بمدينة عرعر والذي تم افتتاحه قبل أربع سنوات من قبل سمو أمير المنطقة ومعالي وزير الصحة كان أهم المراكز التي جابهت جائحة كورونا جنباً إلى جنب مع المنشآت الصحية من مستشفيات ومراكز بالمنطقة وعملت الفرق الطبية بالبرج بتطبيق البروتوكول العلاجي اللازم مما ساهم في كبح مضاعفات المرض للمصابين وإنقاذ أرواحهم بمشيئة الله، وأيضاً تتمتع المنطقة بمستشفيات حديثة منها مستشفى الأمير عبدالعزيز بن مساعد في عرعر إضافة إلى قطاعات الصحة رفحاء وطريف والعويقيلة والشعبة بمستشفياتها ومراكزها الحديثة، إذ تم إنشاء مستشفيات كبيرة في كل محافظة وقطاع صحي وإزالة المستشفيات القديمة، وتزويد المنطقة بالكوادر الطبية اللازمة حتى في التخصصات الشحيحة، وفي ذات السياق بلغت نسبة السعودة قرابة 97 % من الوظائف الصحية المساعدة وتم تعيين عشرات الأطباء السعوديين من خريجي جامعة الحدود الشمالية سواء طب عام أو حاملي البورد السعودي للعمل في منشآت وزارة الصحة.
استطاعت المنظومة الصحية بالمنطقة تخفيض الحالات الطبية المحولة للرياض والدمام بنسبة كبيرة جداً، وبحسب برنامج الطبيب الزائر والمجدول بشكل شهري للأطباء الزائرين فكان عدد المحولين أقل بكثير بعد عمل هذا البرنامج الطبي المتخصص، كما من المأمول تحويل مجمع مستشفيات عرعر وهي مستشفى الأمير عبدالعزيز وبرج الولادة والأطفال والصحة النفسية إلى مدينة طبية تخدم كامل منطقة الحدود الشمالية.
من جهة أخرى فإن مراكز القلب والكلى والسكر والعقم والأورام بعملها ومبانيها والكفاءات العاملة فيها كانت وما زالت تمثّل القفزة النوعية لأعمال صحة الحدود الشمالية، إذ تخدم هذه المنشآت شريحة مهمة من المرضى كانت تحتاج العلاج في المدن الكبرى وتولي الحكومة -أعزها الله - اهتماماً بالغاً بالقطاع الصحي وتهيئته قريباً ليكون شركة قابضة لتجويد الخدمة ورفع مستوى الرعاية الطبية والتثقيف والوقاية وترشيد الهدر إن وجد.
مكتب استراتيجي للمنطقة يصيب الأهداف
تتمتع منطقة الحدود الشمالية بمقومات مهمة وفارقة على الصعيد الاقتصادي والتنموي والجغرافي وثروات طبيعية تعدينية وبترولية وبيئية ومساحية ومنافذ برية حدودية مع دول الجوار، علاوة على البنى التحتية والفوقية التي حظيت بها المنطقة، حيث أولتها الحكومة منذ تأسيس الدولة بنهضة شاملة لا محدودة فيها أسوة بالمناطق الأخرى وشملت المستشفيات والمدن الصناعية والرياضية والإسكانية والمرافق العامة الحيوية والمطارات والتجارة والاهتمام البلدي حتى غدت مدن ومحافظات المنطقة علامات فارقة في الرقي والتقدم ومع الطفرة التي صاحبت النمو العمراني والبشري زاد عدد القطاعات وعدد الشركات والمتاجر وزاد معها موظفو القطاعين الحكومي والخاص، ومع هذه الميزات النوعية أصبح من المهم إنشاء مكتب استراتيجي لتطوير منطقة الحدود الشمالية ليكون نواة لهيئة عليا للتطوير.
إن إقرار مثل هذا المكتب الاستراتيجي الطموح للمنطقة يصوّب الأهداف المرسومة التي يضعها المكتب المأمول والذي سيتماشى بالتأكيد مع رؤية المملكة الطموحة مثلما يتم في كل منطقة وتتضمن مكتباً استراتيجياً، مما يس رّع من وتيرة النمو في كل نواحي التنمية المدنية وبشكل مدروس يضمن فتح آفاق واسعة في مجال الاستثمار للمنطقة وتوفير فرص العمل للباحثين، ويرنو الأهالي من مثل هذا المكتب في حال الموافقة عليه إلى تكامل الخدمات الإضافية فمثلاً في الشأن البلدي تجميل وأنسنة المدن والمحافظات والقرى وتأهيل بعض الطرق والأرصفة والحدائق ومعالجة التشوّه البصري وفي صعيد آخر يتطلع المواطنون إلى توفير الرحلات الدولية للمطار الجديد والمدارس الدولية والمنتزهات الريفية وتوفير المخططات الزراعية قدر الإمكان وذلك لرفع مستوى الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل الزراعي ولتحسين البيئة الناتج من نشوء الزراعة ويتطلع مربي المواشي إلى وجود مصانع تخص الثروة الحيوانية كمصانع الأعلاف والألبان والصوف والجلود، كما ينقص المنطقة مناطق للصناعات التحويلية والخفيفة مثل الأغذية والتغليف ومصانع مواد البناء وفي نفس السياق يتطلع فئة شباب المنطقة لتوفير الوحدات السكنية للمتقدمين منهم بأسعار تناسب الدخل، إذ ما زالت أسعار الأراضي داخل الأحياء مرتفعة السعر، ويرون أن الحل في تأهيل الأحياء الجديدة خدمياً ليتسنى لهم بناء منازلهم المدعومة من الصندوق العقاري.
القطاع الثالث في الحدود الشمالية يحقق النمو اللازم
نظراً لأهمية القطاع غير الربحي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنمية رأس المال البشري ووفق مستهدفات رؤية المملكة 2030 وخطتها الوطنية الاستراتيجية أصبح هذا القطاع ينمو ويتسارع في منطقة الحدود الشمالية، حيث زاد عدد الجمعيات والهيئات والفرق التطوعية بشكل ملحوظ، ووجد أبناء وبنات المنطقة مجالاً خصباً لهم للعمل في مجال التطوع ابتداءً من خدمة حجاج بيت الله الحرام في المنافذ البرية أثناء وصولهم ممتدة لأنواع من المشاركات المجتمعية إلى مشاريع العمل الخيرية التطوعية مثل إفطار الصائمين من خلال إعداد الوجبات في المطابخ الخيرية وتقديمها إلى المراكز المستهدفة وكذلك تنظيم الحشود في الاحتفالات والمهرجانات وأيضاً كان العمل التطوعي في المجال الصحي والإسعاف واضحاً أثناء جائحة كورونا وتنوّعت مجالات العمل الخيري التطوعي أمام الشباب وصولاً للمساهمة في أعمال زراعة النباتات والأشجار وأعمال الصيانة والرسم وتجميل الميادين العامة.
يحظى هذا القطاع بدعم سمو الأمير فيصل بن خالد بن سلطان أمير المنطقة ويتابع سموه مسيرة العمل التطوعي والخيري بنفسه مطلعاً على المؤشرات الدورية التي تدل على المستويات الدقيقة، ولا تخلو مناسبات سموه الرسمية من دعوات خاصة للمتطوعين وقادات التطوع بالمنطقة وتكريمهم سنوياً نظير الأعمال التطوعية التي يقدمونها شباب وشابات المنطقة في هذا المجال المهم والذي يدل على اهتمام قيادتنا الرشيدة بأعمال التطوع، كما تنظّم وزارة الموارد البشرية الملتقيات السنوية والفصلية لدعم وتعزيز العمل التطوعي في كامل منطقة الحدود الشمالية، علاوة على التنظيم والتشريع والترخيص للجمعيات المختلفة والفرق التطوعية الناشئة ودعمها حتى الظهور والتي انتشرت مؤخراً في عرعر ومحافظاتها.
المصادر:
1 - كتاب التابلاين ودوره التنموي في منطقة الحدود الشمالية..
2 - موقع الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الحدود الشمالية.
3 - موقع جامعة الحدود الشمالية.
4 - لقاءات هيئة الصحفيين السعوديين مع مدير تعليم وصحة الحدود الشمالية.
5 - كتاب الحدود الشمالية أصالة وحضارة للمؤلف مطر عايد العنزي.
6 - تقارير وصور من كالة الأنباء السعودية.
** **
- خالد هايل السويلمي - عرعر