هيئة التحرير بالثقافية/ الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
صدر حديثاً عن المركز الأكاديمي للأبحاث لعام 2022م كتاب (حوارات القرن: لأكثر من مئة وخمسين شخصية مؤثِّرة) بثلاثة أجزاء من الحجم الكبير، بعدد 816 صفحة لكل جزء للأستاذ محمد رضا نصر الله وذلك في الفترة الزمنية من عمر البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها الأستاذ محمد رضا نصر الله وذلك منذ سنة 1978 وسنة 2012م أي بين ربع القرن المنصرم وبدايات القرن الحالي.وتجمّعت بين أروقة هذه المادة الحوارية الجريئة والفريدة على امتداد العالم العربي والدوائر الاستشراقية في عواصمها الغربية و قدّم فيها الأستاذ محمد رضا نصر الله أكثر من 1000 ساعة من البرامج الحوارية وحوارات مع أكثر من 150 شخصية ثقافية وفكرية عربية مؤثرة ؛ مع أبرز رموز الأدب والفكر والسياسة لأكثر الشخصيات تأثيرا في العالم، مستحضرًا تجارب الشعراء والروائيين، ومطارحات المفكرين وقضايا السياسيين، عبر حوارات سجالية، واستوت هذه المادة الغزيرة في كتاب (حوارات القرن)، وقد اعتبرها عدد من الأكاديميين ومؤرخي الأفكار، بمثابة سجل تنويري حي للثقافة العربية في ابرز تجلياتها المعاصرة، وعملت على التعريف بالمئات، من مبدعي النصوص ونقادها بكافة تياراتها العربية أنموذجاً محمد مهدي الجواهري وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وسعيد عقل والطاهر وطار ومحمد حسن عواد وعلي جواد الطاهر وأحمد السباعي وعبدالله البردوني وأدونيس وعبدالسلام المسدي وعبدالله الطيب وفدوى طوقان ومحمد الفيتوري وسعدي يوسف والأمير طلال بن عبدالعزيز والأمير خالد الفيصل وغازي القصيبي وعمرو موسى ويفجيني بريماكوف وعبدالهادي بوطالب وسليم الحص وشفيق الحوت وغيرهم ... ومساءلة دارسي المشروعات الفكرية منذ عصر النهضة وصولًا إلى العصر الحديث، وما واكبها من قراءات تفكيكية ومعارك نقدية.. ولم تقف عند مداولي الأفكار من مختلف مدارسها العالمية عبر أطراف من سير عبدالرحمن بدوي وحمد الجاسر وزكي نجيب محمود وعبدالله العروي وطيب تيزيني وجاك بيرك والشيخ محمد الغزالي ومحمد عابد الجابري وبيدرو مونتابث ومريام كوك وفهمي جدعان وصموئيل هنتجتون وفيتالي نعومكن والفريد هاليداي والشيخ محمد مهدي شمس الدين ود سعد البازعي ومحمد أركون والشيخ محمد سعيد البوطي وجبرا إبراهيم جبرا واميل حبيبي ود عبدالله الغذامي وإبراهيم البليهي وسميح القاسم وهشام جعيط وغيرهم ...
وما تضمنه كتاب (حوارات القرن) الصادر من المركز الأكاديمي للأبحاث في تنورنتو بكندا وبغداد في العراق هو خلاصة ساعات طويلة من الحوارات التلفازية.
والإعلامي محمد رضا نصر الله إعلامي وكاتب سعودي، من مواليد القطيف عام ثلاثة وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد.
تلقى مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي في القطيف.
انتقل إلى الرياض عام ثلاثة وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد للدراسة في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، وحصل على ليسانس في الآداب منها.
أعدّ وقدّم العديد من برنامج (هذا هو) الذي استضاف فيه ألمع المثقفين والأدباء العرب على مدى سنوات، ومن أبرز من سجل معهم الأساتذة الكبار، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، زكي نجيب محمود، نعمان عاشور، يوسف إدريس، أحمد بهاء الدين، محمد مهدي الجواهري، أحمد سوسة، عبد الكريم غلاب، عبد الله القروي، محمد بن عيسى، محمد مزالي، والهادي نويرة، الشاذلي القليبي، طاهر وطار، عبد الحميد بن هدومة، علي مصطفى المصراتي، أدونيس، وبُلند الحيدري، فاروق الشرع، حنان عشراوي، فيصل الحسيني، فدوى طوقان، سميح القاسم، بنت الشاطئ، أحمد كمال أبو المجد، صموئيل هنتجتون صاحب نظرية «صراع الحضارات» وبول فندلي، مراد هوفمان، أحمد السباعي، محمد حسن عواد، حسين سرحان، حمد الجاسر، محمد حسن فقي، عزيز ضياء، عبد الله بلخير، حسن بدوي، حسن ظاظا، شكري عياد، وسعيد عقل.
وتحتفظ بعض الجهات العربية والأمريكية بنسخ من بعض برامجه التلفزيونية.
ونشر مقالاته في كثير من الصحف من بينها صحيفة الرياض، حيث بدأ الكتابة والنشر في صفحاتها عام 1974م، وكتب فيها زاوية (أصوات).كما كتب في بداياته أيضاً في جريدة اليوم في الدمام، ثم في مجلة «اليمامة». وعمل مشرفاً على الصفحات الثقافية وصفحات الرأي في جريدة الرياض. وعمل مديراً لتحرير الرياض الأسبوعي عام 1982م و أعدّ وقدّم برنامج (الكلمة تدق ساعة) عام 1398هـ (1978م) في التلفزيون السعودي، وهو برنامج حواري ثقافي من إخراج سعد الفريح. وأعدّ وقدم برنامج (هذا هو) عام 1993م على قناة MBC، واستضاف فيه أبرز المفكرين والأدباء والشعراء العرب. وأعدّ فيما بعد وقدّم برنامج (وجهاً لوجه) في التلفزيون السعودي، واستضاف فيه نخبة من رجال السياسة والثقافة والأدب والفن، كما قدّم برنامج (حدث وحوار) في التلفزيون السعودي.وقدّم أيضا برنامج (مواجهة مع العصر) على قناة MBC.
ومن البرامج التلفزيونية التي أعدّها و قدّمها في التلفزيون السعودي: برنامج (هكذا تكلموا) وبرنامج (ستون دقيقة سياسية) وبرنامج (ما بين أيديهم) وبرنامج (خارج الأقواس).
حيث سجّل ما يقارب من ألف ساعة تلفازية مع شعراء، وأدباء، ومثقفين، ومفكرين، وسياسيين، على امتداد العالم العربي.
وكما تعيّن عضواً في مجلس الشورى في بداية دورته الرابعة عام 1426هـ، واستمر مدة 12 عاماً وشغل منصب أمين عام الهيئة الاستشارية للثقافة في وزارة الثقافة والإعلام. وأسهم في تأسيس نادي الرياض الأدبي وتقدم بطلب إنشاء نادي الشرقية الأدبي عام 1974م.
وساهم في الأوراق الإستراتيجية لمؤتمر وزراء الثقافة لدول مجلس التعاون الخليجي عام خمسة وثمانين وتسعمائة وألف للميلاد بورقة عن التواصل الثقافي وإمكانية ذلك.
وشارك في اجتماعات خطة التنمية الثقافية في المنطقة العربية، والتخطيط لبرامج الثقافة والفنون، وندوات ومناسبات ثقافية سعودية وخليجية.
وكما ساهم في تأسيس نادي الرياض الأدبي عام أربعة وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد، وساهم في تقديم طلب إنشاء نادي الشرقية الأدبي عام أربعة وسبعين وتسعمائة وألف للميلاد.
ومحمد رضا نصر الله صاحب قلم إبداعي سيّال، تشهد له زاويته «أصوات» في صحيفة الرياض بذلك، فلا يطول غيابه عن الساحة الثقافية، وإذا طال جاء بصيد ثمين وهو هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة الذي نستعرض مادته الثمينة في هذا التقرير، وقد كانت الحوارات المتلفزة سببًا في غيابه عن الكتابة المنتظمة، ورغم الأعمال المتزاحمة التي تحيط به من كل جانب إلا أنه استطاع أن ينجز، فها هو يكشف في إحدى مقالاته عن سبب امتناعه عن الكتابة، وعن تأثير البرامج الحوارية التي كان يعدها على طهوره في المشهد الثقافي، يقول في مقال سابق له بعنوان: «لهذا امتنعت عن الكتابة»، يقول: «ظللت مدة اثني عشر عاماً في المجلس مجتهداً في ما داخلت وأوصيت، محاولاً ما وسعني الجهد أن أقوم بوظيفتي الشورية، مخطئاً تارة ومصيباً تارة أخرى خدمة للمجتمع والدولة، دون أن تصلني كلمة لوم واحدة.
وقتها اكتفيت بتقديم برنامج سياسي مباشر على القناة الأولى، مستضيفاً أبرز الخبراء والمعلقين وأساتذة العلوم السياسية عرباً وسعوديين، مناقشاً وإياهم القضايا العربية والإقليمية والدولية.. واصلت ذلك أسبوعياً على مدى سنوات ست، انتهت بالذروة في مناقشة القضايا الساخنة أيام ما عرف بالربيع العربي، دون أن أتلقى ملاحظة واحدة.
هذا هو وضعي منذ قدمت البرامج الحوارية الثقافية، مبتدئاً ببرنامج (الكلمة تدق ساعة) سنة 1398 هـ في التلفزيون السعودي، وذلك قبل ثورة الفضائيات بعد حرب الخليج الثانية.. إثرها استضفت عبر قناة mbc سنة 1993م أبرز المفكرين والأدباء والشعراء العرب، من كافة ألوان طيفهم الأيديولوجي، بمختلف تجاربهم الإبداعية ومشروعاتهم الفكرية.
وكانت قناة mbc في بدايتها وحيدة في الفضاء العربي، إذ قدمت مئات الساعات التلفازية من خلال شاشتها الريادية، حراً طليقاً.. دون أن يتدخل في برامجي أحد.
كذلك الأمر في عملي الصحفي والكتابي منذ بدأت فوق صفحات جريدة الرياض سنة 1974م، من مقر مطابع بن ثنيان في حي المرقب.
لا يعني أن الأمر يمر دوماً بسلام، ففي عالم الكتابة الكثير من الزوابع والتوابع؛ خاصة إذا ما لا مست الخطوط الحمراء.. ولكن ما لمسته شخصياً من سعة صدر كبار المسؤولين، سيظل ميسماً مشرقاً في تجربتي الإعلامية والكتابية.
أتذكر أن تناولت ذات مقال موضوعاً حساساً، استثار دولة عربية، وجدت أنها قابلت إحسان المملكة الجميل بالنكران الممض في موقف مصيري.. فرحت أكتب موضوعاً غاضباً، تسبب في شكواي لدى الملك فهد.. وإذ استدعيت للمساءلة وقتها، إذا بالزميل الكبير الراحل تركي السديري يتلقى المكالمات المتعقبة والمتعاقبة.. إلا أن الملك سلمان وقد لمس سجيتي الواضحة وأدرك مرماي الوطني، سرعان ما اتصل به مطمئناً أنه سيسعى في أمري -فله من المواقف الأبوية الشهمة معي ما لن أنساه- وكذلك الأمير نايف الذي قرأ ليلتها بنفسه ما كتبت على مسامع الملك فهد، وقد أمر بعدها أن أعود إلى بيتي وأهلي معززاً مكرماً.. وأتذكر في آخر لقاء مع الأمير نايف في مكتبه بالديوان الملكي، كيف استعاد ذلك الموقف بكل أريحية.
هذه صور قد تغيب عن أذهان ن الجيل الجديد من الكتاب والصحفيين.. بل المجتمع العام من الشباب والشابات، الذين ربما لا يدركون مدى المعاناة التي مر بها جيلي المخضرم، وقد سبقنا رواد الصحافة السعودية الكبار، بمعاناة أمر في تبني الأفكار التنويرية، وبذرها في تربة المجتمع الجافة القاسية، وفي مقدمتهم محمد حسن عواد وعبدالقدوس الأنصاري ومحمد حسن فقي وحمد الجاسر وأحمد السباعي وعزيز ضياء وأمين وعبيد مدني وعبدالله بن خميس وعبدالكريم الجهيمان وأحمد عبيد وسعد البواردي.. حيث مهد هؤلاء بحسهم الوطني المسؤول، وكتاباتهم النقدية الموضوعية، وكذلك من جاء بعدهم من المثقفين والكتاب والأكاديميين.. مهدوا الأرضية الاجتماعية، والدولة تعمل على فرض الحقائق الموضوعية للتغيير الاجتماعي، في مراحل تطور المملكة بقوة القرار السياسي، فمنذ قاد الملك عبدالعزيز مسيرة بناء الدولة، وتشكيل مؤسساتها في صياغة المجتمع الحديث في المملكة، وللصحافة وقادة الرأي العام دور مشهود، في مسيرة نهضة المملكة المعاصرة.. وفي مقدمة هؤلاء لمن لا يعلم يقف في الطليعة، أعضاء مجلس الشورى الأوائل في عهد الملك عبدالعزيز.. فهم من تبنى الأفكار الجديدة وقتها، وصياغة الأنظمة التي تعمل معظم مؤسسات الدولة اليوم على ضوئها.. بل كان ذلك المجلس هو المسؤول حصراً عن السلطة التنظيمية -أي التشريعية- لا ينافسه فيها أحد».
وقد سجل إصدار محمد رضا نصر الله بأجزائه الثلاثة المتألقة صدى واسع في الأوساط الثقافية بعد صدوره عن المركز الأكاديمي للأبحاث.