عبد الله سليمان الطليان
تعاني أمريكا في وقتنا الحاضر من أزمة حقيقية في تكوين أسرة أو عائلة من خلال الإنجاب، وذلك بسبب (الإباحية وعمل المرأة) والذي رصدت آثارهما على نساء المجتمع الأمريكي، المستشارة النفسية الأمريكية الدكتورة ميريام جروسمان في كتابها (أجيال في خطر) وحجم المعاناة التي يواجهها نساء المجتمع الأمريكي في هذا الجانب، تقول لدي سيدة تدعى أماندا التي عملت بجد في الجامعة والتي بعد عقد من الزمن ستحصل على درجة الدكتوراه التي تخللها انتكاسات بسبب التغيير الذي طرأ على رسالتها الجامعية واختلاف مع مشرفيها، وكيف قضت وقتًا في أوروبا وإفريقيا بعيداً عن الدراسة. بدأت الدراسات العليا وكأنها لا نهاية لها، ولكن أخيراً توشك رسالتها على الانتهاء، ولديها عروض من جامعات عدة من أجل التدريس بعقد. لكن كل ذلك لا يكفى أماندا الآن، وقد بدأت تتساءل وتقول إن أمي على صواب طوال الفترة الماضية، إن أعمق إرضاء للمرأة يكمن في أمومتها، تشتت تفكيرها وأصبحت تعيد التفكير مرة ومرات، لقد تراجع الحمل لديها بنسبة 75 % مقارنة بما كانت عليه عندما كانت في الثلاثين، بالطبع ما زال من الممكن حدوث الحمل، إذا كانت محظوظة، لكن إذا حملت فإن احتمال سقوط الحمل قد تضاعف ثلاث مرات، احتمال ولادة طفل ميت تضاعف، وخطر وجود اختلالات جينية أصبح أكبر بست مرات، حملها أكثر عرضة لأن يواجه تعقيدات ضغط الدم المرتفع أو السكر، وطفلها أكثر عرضة لأن يكون غير مكتمل النضج أو ناقص الوزن لدى ولادته، كيف أن تصف النساء شعورهن بعدم القدرة على الحمل، أخذ أدوية خصوبة، أو المرور بتلقيح أطفال أنابيب؟ ما فرصة نجاح أماندا، إذا بدأت العلاج -لنفرض - في عمر الأربعين؟ وكم يتكلف الأمر؟
الإجابة هي: غضب، حزن، عجز، شعور بالذنب, مرارة، امتعاض، خزي، (حالة من الاكتئاب ليس كمثله شيء) أما فرصتها هي فستكون 2 % إلى 5 %، وأما التكلفة فهي على الأقل 20 ألف دولار، ومع تأجيل النساء الحمل فإن مكاتب أطباء الخصوبة ممتلئة بمرضى في الأربعينات من العمر يائسات من أجل الحصول على طفل.
تضيف الدكتورة ميريام أن هناك نساء يحملن أفكار أماندا الخاطئة، ففي استطلاع أجري في عام 2001م أن 89 % من النساء الشابات الناجحات في حياتهن يعتقدن أن بإمكانهن الحمل وهن في الأربعينات، وجد استطلاع آخر أن النساء لديهن فهم ممتاز لمنع الحمل، لكنهن (يبالغن في تقدير العمر الذي تبدأ عنده الخصوبة في الاضمحلال) فغيب عنهن آثار ذلك مع تقدم العمر.
وتذكر كذلك أنه في عام 2001م قامت منظمة مختصة بالعقم وهي الجمعية الأمريكية للطب التناسلي بإدارة حملة إعلامية اسمها (احمي خصوبتك) ركزت إعلاناتهم على الأسباب الأربعة الأكبر للعقم: تقدم العمر، الأمراض المنتقلة جنسيًا، التدخين، والوزن غير الصحي، وهي مثل الحملات الإعلانية التي رأيناها جميعًا تحث على ترك السجائر والمخدرات، لصقت الإعلانات على الأتوبيسات وفي المراكز التجارية والسينما، ولكن على عكس الحملات المناهضة للتبغ والمخدرات، تم اعتبار إعلانات العقم خلافية واستفزازية، أثارت هذه الحملة غضب المجلس القومي للمرأة، الذي اعتبر أن الحملة ترسل رسالة سلبية للنساء اللاتي قد يرغبن في تأجيل الحمل أو التخلي عنه، رفض مديرو المولات التجارية والمسارح السنيمائية توفير مساحة للحملة، وماتت الحملة.
وتستطرد وتقول إن مرض الكلاميديا المنتقل جنسيًا مسئول عن ثلاثة مليون حالة جديدة سنويًا في أمريكا معظمها بين النساء الشابات، التكلفة السنوية للتعامل مع الكلاميديا وتبعاتها تصل إلى 2.4 مليار دولار.
وأخيرًا لقد تطرق الكتاب إلى جوانب متعددة في موضوع آثار الإباحية، ولكن نكتفي بهذا القدر ونقطف نصيحة واحدة من النصائح التي تحدثت عنها الدكتورة ميريام فيما يخص الأمومة والأبوة، فتقول يبلغ متوسط عمر الطالبات في الجامعة السادسة والعشرين جميعهن تقريبا يخططن لأن يكون لهن أطفال، تسمعن طوال الوقت عن سرطان الثدي، وأمراض العظام، وأهمية التمارين، والوجبات الصحية، لكن من خلال مراجعتي للمطبوعات ومواقع الإنترنت المخصصة للصحة الطلابية لا أجد على أن أحدًا ما يحاول تثقيف هؤلاء النساء عن أفضل وقت لتكوين أسرة.