تشرفت المملكة العربية السعودية بوجود مكة المكرمة قبلة الإسلام ومهبط الوحي ومنطلق الرسالة فيها ولد خير البشرية ومنها أشرق نور الإسلام .. والمدينة المنورة مُهاجر رسول الله وفيها مسجده .. وقد ورد ذكر الأماكن المقدسة كثيراً في الشعر السعودي فيغلب على كل شاعر سعودي أن تميل حروفه للكتابة الشعرية في الأماكن المقدسة فهي تمثل جزءاً من التكوين الروحي والعقلي لكل مسلم.
ولعل الشاعر سليمان المطلق يشكل مثالاً على ذلك فهو ينادي وطنه ويعدد مميزاته ومحاسنه بذكر شخصيات وأماكن دينية اختص بها هذا الوطن دون سواه:
يا وطني يا غرة الأوطان
بلد النبوة والسلام
والحج والبيت الحرام
وزمزم
ومحمد خير الأنام
وصحبه الغرر الكرام
عليك تحية الأحباب مني والسلام
وفي موضع آخر من قصيدته نجد أن الشاعر سليمان المطلق يفصل في ذكر الأماكن والأحداث الدينية يقول:
لبيك والكعبة الغراء قبلتنا
وفخرنا بخليل الله بانيها
والحجر الحجر المعلوم أن به
يمين ربي تجلت في أعاليها
والمروتين ومسعى كل معتمر
وزمزم لوفود الله تسقيها
ومن الأماكن المقدسة يذكر الشاعر مسلم فريج العطوي غار حراء وجبل ثور التي انطلقت منهما الرسالة:
هذا حراء في الذرى
إذ طل جبريل الأمين
في غار ثور نجتلي
ذكرى نجاة المخلصين
هذه القبلة التي يتجه لها المسلم في كل صلاة هي ميزة اختص الله بها هذا الوطن كما في قول الشاعرة فاطمة البارقي:
ذي بلاد العز فينا
سدد الله خطاها
قبلة الإسلام كل الخلق تأويها اتجاها
ويتفق مع هذا المعنى الشاعر زاهر البارقي:
وفي أرضك البيت المطهر شامخ
لقبلته كل البرية تركع
ويذكر الشاعر محمد فرج العطوي بأن الله خص هذا الوطن بالطهر ومنه أشرق نور الإسلام وفي جنباته قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه:
أحب وعذري أنني أعشق الثرى
إذا لم يجد من يعتريه الهوى عذرا
أحب تراباً كرم الله وجهه
وضم ثراه البدر والأنجم الزهرا
ألم تر أن الله بالطهر خصه ؟
فأشرق منه النور وانساقت البشرى
ويقدم الشاعر مسلم فريج العطوي روحه وما يملك ويدخر فداءً لوطنه الذي فيه قبلة المسلمين وبعثة النبي والأمن والسلام:
فديتك يا قبلة المسلمين
بروحي وما من دنا أدخر
ففيها السلام وفيها الأمان
وجند المقاصد عنها اندحر
بأرض بلادي أضاء الهدى
وفيها تجلت طوال السور
وتحدث الشعراء عن الحضور الموسمي وهو وقوف الناس في صعيد عرفات وهم يدعون الله يقول الشاعر زاهر البارقي :
من أين تأتي ظلمة وبك الهدى
وأكف خلق الله في عرفات
تناول شعراء منطقة تبوك ما قدمه الملوك من آل سعود لخدمة الحرمين الشريفين وما قاموا به من توسعة في مساحاتهما وأبدوه من عناية فائقة بهما منذ عهد الملك عبدالعزيز مروراً بحكم أبنائه البررة من بعده ومنها توفر الأمن أثناء الحج بعد أن كانت مهلكة للنفوس يقول مسلم العطوي مقارناً الحج الماضي والحاضر:
حج الحجيج وكان الحج مهلكة
حيث الرعاع تثير الأرض والطرقا
كما يذكر في قصيدة أخرى الاهتمام بالبيت (الكعبة المشرفة) وقبر النبي صلى الله عليه وسلم:
هذا الحجاز يعيش الأمن مفتخراً
والبيت في عزة والقبر في طهر
وقد تحدث شعراء منطقة تبوك عن هذا الوطن الذي اختصه الله بوجود الحرمين الشريفين فزاد عندهم قوة الانتماء وصدق العاطفة وذكروا مكة والمسجد الحرام وزمزم وغيرها وطيبة الطيبة التي منها انطلق الإسلام وانتشر وكان تعبيرهم عن الوطن الديني بحس جمالي ومشاعر صادقة فاختصوا الأماكن الدينية ضمن مآثر الوطن وحبهم له.
** **
- نافع العنزي