رمضان جريدي العنزي
إن شعر (المحاورة، أو الردِّية، أو القلطة) يعتبر نوعاً من أنواع الفنون الأدبية، وهو يعتمد على سرعة البديهة، ويدور بين شاعرين أو أكثر، مباشرة في زمان ومكان واحد، وهو كلام موزون ومقفى له معنى ومغزى ولحن، لكن في الآونة الأخيرة أصبح فيه من الحماقات والتجاوزات والسخرية والضرب تحت الحزام وإيجاد المشاكل والمناكفات وأحياء الضغائن الشيء الكثير، وأصبح بعيداً عن المسؤولية والمثالية في الطرح والأسلوب، بل صار شعراً للمخاصمة والمحاججة ونصرة القبيلة وإثارة للعنصرية وقذف في الأعراض، مما جعل بعض الجمهور يحدث فوضى ومشاغبات ومضاربات نتيجة هذا الطرح غير المسؤول، وقد شاهدناها في مناسبات عدة، أن ثمة فارقاً كبيراً بين المفاخرة بالقبيلة وازدراء القبائل الأخرى وذكر مثالبها وعيوبها أو حتى تذكيرها بوقائع وحروب قديمة أكل عليها الدهر وشرب، أنه فارق مؤثّر أن يسهم بعض شعراء المحاورة في أحياء النعرات القبلية التي هي من عمل الجاهلية والتي لا يقرّها شرع الله الحنيف، إنني وغيري لا نعرف الهدف الرئيسي الذي ينشده هؤلاء البعض من الشعراء، وبأعمالهم التي بلا هدف ولا مضمون سواء إرسال رسائل مشفرة سيئة، بعيداً عن رسائل الوعي والثقافة والتوعية، لقد أصبح شعر المحاورة مجرد تصفية حسابات ونبذاً للآخر وتهميشه، وأحياء تعصب بغيض، وصنع تنافر بين أبناء المجتمع الواحد، بعيداً عن نشر التسامح والتكاتف وحب الوطن والتآلف، وإحياء التراث وتطويره بشكل حضاري وجذاب. إن البعض بأعمالهم هذه يشعلون نار التعصب والتفاخر بطريقة ذكية من خلال رسائل غامضة ورمزية. إنني وغير نأمل أن يراجع البعض من هؤلاء الشعراء المعنيين بهذا التراث طريقة تفكيرهم وطرحهم بناء على نهج سليم وواضح يأخذ بالمجتمع الواحد والوطن الواحد نحو مسارات بهية ومضيئة، بعيداً الظلام وعتمة ودهاليزه، وإن لم يفعلوا فعلى المعنيين والمسؤولين التدخل السريع والعاجل لإيقاف هذه المهازل والآراء والأفكار لما تمثّله من خطر داهم، ولما تزرعه من ضغائن في النفوس، وتهديداً للوحدة الوطنية الفريدة، التي أرسى قواعدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - إنها صور بشعة، ورسائل مشفرة، والغاز ومعان غير هادفة وليست صالحة لهذا القرن، ولهذا البلد المتنامي الحضاري المعطاء.