ميسون أبو بكر
حين كتبت في السابق مقالاً عن -سعودة- تطبيق أوبر كان هناك من سخر من الفكرة ولم تكن لديه الثقة بأن شبابنا السعودي سينجحون في هذه المهنة التي ربما أكبر عوائقها ثقافة الناس وما توارثوه من أفكار أثبتت خطأها بعد النجاح الكبير -لكباتن - أوبر وثقة الناس في الكابتن السعودي، وقد أصبح واجهة لبلد غدا مقصد السياح ووجهتهم، وأوبر تعد وسيلة المواصلات الأولى منذ وصولهم المطار، وقد تعدت المهنة أن تكون - توصيلة- إلى مرشد أحياناً وصورة لشباب يشكل سبعين بالمئة من سكان المملكة.
في يوم واحد وبسبب خسارتي لمركبتي في الحادث استعنت بأوبر بستة مشاوير، لا تتصور أيها القارئ الكريم كم كانت رحلتي معهم مشوِّقة رغم زحمة الرياض، فقد كانت فرصة لأطلع كمراقبة وكاتبة رأي على نتائج هذه التجربة، وعلى التطور السريع لإنسان هذه المهنة الذي كان لنا منجى من معاناتنا مع سائق الليموزين من دول أخرى من طمعه وصعوبة التعامل معه وعدم نظافة السيارة والرائحة الكريهة وأنا في غنى عن شرح قد يطول.
الكابتن الأول نواف كان ذلك الشخص الذي يعتبر نموذجاً يحتذى به لأصحاب هذه المهنة وقد لفت نظري حصوله على النجوم الخمسة ووصف الممتاز في التطبيق وذلك بسبب طريقته في التعامل ونظافة سيارته وهندامه وتأدبه في الحديث والاستئذان قبله، وقبل أصل مشواري قدم لي معمولاً لإحدى الأسر المنتجة التي ركبت معه وأعطته عيّنة من معمولها مصحوبة بحساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تواصلتُ معها وابتعت من منتجاتها واطلعت على قصة نجاح فتاة سعودية في مشروع الأسر المنتجة، وأبهرتني طريقة تسويقها هذه لمنتجها.
الكابتن منصور الذي تعرّف عليّ من صوتي كمذيعة كان يتابع وأسرته حسب قوله برامجي ويستمع لقراءتي للشعر؛ حملني رسالة لوزير الإسكان النشيط من مواطن سعودي معني بجهد الوزارة؛ بأن يوجه معاليه الكيانات العقارية وهوامير العقار حسب قوله للاستثمار في الأراضي التجارية والصناعية وليس في المناطق السكنية -كي لا يرتفع السعر على المواطن» وأنا أنقل وجهة نظره في مقالي هذا لأنني أعرف المتابعة الدقيقة وسعة صدر معالي الأستاذ ماجد الحقيل لاقتراحات المواطنين.
الكابتن فهد من نجران -مسكتني- في مشواره زحمة الرياض الساعة الخامسة ودارت أحاديث عن أخطاء السائقين وتجاوزهم أنظمة المرور، وتجربة المرأة في القيادة وبعض الحوادث الناتجة عن ذلك نتيجة حداثة التجربة، في حديثي معه شعرت بجمال المجتمع السعودي وأصالة الإنسان السعودي ورقي الحديث معه.
الكابتن محمد القادم من جدة منذ أربعة أعوام والذي يجتهد في أوبر وله خبرة واسعة في الأسهم التي يستثمر بها حسب مقدرته المادية؛ كان حديث البحر والصحراء ولندن التي تخرَّج منها والثقافة التي تزوّد بها وتطبيق أوبر كمصدر رزق جيد.
أحد كباتن أوبر الذي لم يكن معه صرف للعملة التي كانت معي طلب مني أن أحول المبلغ لحسابه وهذا يدل على ثقة الرجل وطيبته، وقد سمعت قصصاً لفتيات وأشخاص مقيمين عن الكباتن السعوديين في التعامل معهم في مواقف كثيرة.
آخر لديه موهبة تقديم البرامج وروح الفكاهة، وكان ضيفاً خفيف الظل على أحد البرامج وتمنى لو يتبناه التلفزيون السعودي في برنامج ترفيهي للشباب.
نماذج مشرِّفة من كباتن أوبر ومهنة فتحت باب رزق واسع على الشباب وتمضية وقتهم في عمل مفيد وفرصة الانفتاح على الآخر من خلال هذه المهنة والحوار الذي مع الوقت والممارسة أصبح مثقفاً ومفيداً.