في إطار الإعداد لفعاليات يوم «التأسيس السعودي» (30 - 6 - 1139هـ) الهادف إلى ترسيخِ القيم الوطنية الأصيلة في المملكة العربية السُّعودية العُظمى في عهدِ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله، أصدر الباحث د.اسماعيل السلامات كتابه الموسوم بـ:»حملة طوسون على الدَّولة السُّعودية الأولى « (1226هـ - 1230 هـ/ 1811م -1815 م).
حيث وثق د. إسماعيل السلامات في كتابه جانباً مُشرِّفاً ومُهماً من التَّاريخ السياسي والحربي والاجتماعي للدَّولة السُّعودية الأولى في مواجهة الحملات العسكريَّة: الخارجية والداخلية عليها.
قدم المؤلف تصويراً للوقائعِ الحربيَّة للحملة (العُثمانية المصرية) العسكريَّة، وأسبابها في أماكنها الجغرافيَّة، وأبعادها الزمانيَّة، ودوافعها الدينيَّة، والسياسيَّة، والحربيَّة، وركز على أدوار الشخصيات التي كان لها اليد الطُّولى في صناعة أحداثها.
واعتمدَ في كتابه على المنهج الوصفي التحليلي؛ ليُحيط وصفاً وتحليلاً بكافّة مُجريات الحملة ليصلَ إلى نتائجَ موضوعية لا تُغفلُ أثراً لقائد أو تتركَ جانباً مُشرِفاً لبطلٍ دافعَ عن أرضه بكلِّ قوته ضدَ القوات الغازية.
فاستعرِضُ د. السلامات بمنهج السرد القصصي الروائي صورةً دراميَّةً لمراحلِ نشأة وتبلور الدَّولة السُّعودية الأولى في عاصمتها التَّاريخية الدِّرْعيّة على يد الإمام مُحمَّد بن سعود بن مقرن سنة (1139هـ)،بعد أنَّ ذكر التسلسلِ الزمني لحُكَّام الأسرة السُّعودية الحالية مُنْذُ سنة 850 هـ في بلدةِ الدِّرْعيّة بالقرب من القطيف في عهد الأمير مانع المريدي الحنيفي البكري.
ثمَّ صوَّر مرحلة التوسع والنفوذ في عهدي الإمام: عبد العزيز بن مُحمَّد بن سعود، وابنه الإمام سعود بن عبد العزيز، حيث وصل نفوذهما إلى بلاد العراق والشَّام.
ثم قَدّم د. السلامات، بأسلوب شائق، صورةً لطبيعةِ العلاقة التي كانت قائمة بين الدَّولة السُّعودية الأولى والدَّولة العُثمانيَّة، فبيّن دور الدَّولة العُثمانيَّة في إشعالها لفتيلَ نار المُعارضة السياسيَّة الداخلية، والخارجية للدَّولة السُّعودية الأولى، حيث قامت بتوجيه وتجهيز العديد من الحملات العسكريَّة من نجد والعراق ومصر للقضاء عليها في عاصمتها التَّاريخية الدِّرْعيّة.
ثمَّ ذكر دواعي إرسال الحملة من مصر إلى أراض الدولة السعودية الأولى في الحِجاز ونجد ومراحل استعداداتها من: تجهيز عسكري، واقتصادي، ودعم لوجستي لضمان أمن الطَّريق البحري والبري لجيوشها الغازية:
ثم وصف طُبغرافياً الطُّرق البحرية: (السويس يَنبُع، السويس العقبة). والطَّريق البري: (العقبة يَنبُع) للحملة مُنْذُ انطلاقها. وعملية وصول قوات الحملة براً من العقبة إلى ميناء يَنبُع بِمُحاذات ساحل البحر الأحمر، وعملية احتلاله، وكيفية خروج أمير يَنبُع الشَّريف جابر بن جبارة العياشي من يَنبُع لينجو بنفسه من الأسرِ والقتلِ.
وذكر مواقف قبائل نجد والحِجاز من حَمْلَـةُ طُوسُون بَاشا على الدَّولة السُّعودية الأولى، وذكره لأشهر القبائل التي استطاعت الحملة ضمها إلى صفها. والقبائل والبُلدان التي بقيت على ولائها الوطني لحُكام الدولة السعودية الأولى في مواجهة القوات المعتدية.
ثم وصف حوادث سقوط الحِجاز بيد طُوسُون بَاشا، وعرَّج على وقائع ملحمتي: الخيف، ووادي الصفراء، ورجوع طُوسُون بَاشا سنة (1226هـ/ 1811م ) مُحملاً بخزي هزيمة نكراء على يد جيش الدَّولة السُّعودية الأولى الباسل.
وبعدها ذكرِ الحجة الثامنة للإمام سعود بن عبد العزيز بالمُسلمين سنة (1226هـ/ 1811م ).
ثمَّ استطرد د. السلامات ليصف حملة القائد العثماني أحمد بونابرت خازندار لمؤازرة طُوسُون بَاشا في الحِجاز سنة (1227هـ/ 1812م)، وعملية سقوط الصفراء.
وعرضَ طريقة احتلال بلدة بَدْر، واحتلال المدينة المُنورة سنة (1227هـ/ 1812م)،ثمَّ احتلال جدة سنة (1228هـ/ 1813م ) وأخيراً احتلال مكة المُكرمة والطائف سنة (1228هـ/ 1813م).
ثم عرض وقائع معارك القوات السُّعودية مع قوات طُوسُون بَاشا، فذكر كيفية وصول الإمام سعود بن عبد العزيز بجيوشه إلى الحناكية قرب المدينة المنورة، وهجومه العسكري على قوات طُوسُون بَاشا، ووصوله إلى المدينة، وكيف قطع الطُّرق البرية بين مكَّة والمدينة المُشرفتين والقصيم.
ثمَّ قدّم عرضاً لحصار تُرَبة وهزيمة قوات طُوسُون بَاشا فيها، وذكر الخسائر التي تكبدها جيشه في الحِجاز، ثمَّ شرح أسباب وصول مُحمَّد علي باشا إلى الحِجاز سنة (1228هـ) للإشراف على المعاركِ بنفسه بعد تزعزُع ثقته بقادةِ جيوشه الغازية، ثمَّ صَوَّر طريقة اعتقال مُحمَّد علي باشا للشريف غالب، وطُرق استمالته وإقناعه للكثيرِ من شيوخ قبائل البدو في الحِجاز، ونجد، بالهبات والذهب والامتيازات والوعود.
ثمَّ تابع بتصوير فني لمعارك السُّعوديينَ بعد وفاة الإمام سعود بن عبد العزيز بن مُحمَّد بن سعود بالدِّرْعيّة (1229هـ/ 1814م )، فقصَّت أخبار وفاة الإمام سعود بن عبد العزيز بن مُحمَّد وعرضت سيرته في بلدهِ وحروبه، ثمَّ صور كيفية وصول جيوش طُوسُون بَاشا إلى اليمن، وهزيمتهم بالقنفذة، وكيفية قيام الإمام عبد الله بن سعود بتأديب القبائل المُناصرة والمُتحالفة مع طُوسُون بَاشا في الحِجاز.
وبعد ذلك وثق المؤلف حصار الإمام عبد الله بن سعود لطُوسُون بَاشا وجيوشه في الطائف، وصور معركة حصن بخروش بين السُّعوديينَ وقوات طُوسُون بَاشا سنة (1229هـ/ 1814م)، وهجوم طوسون باشا للمرة الثانية على تُربة، ووصول الأمير فيصل بن سعود بجيوشهِ إلى بلدة تُرَبة سنة (1229هـ)، وتابع بالوصف التَّاريخي لأحداث ملحمة بِسْل (الواقعة بين الطائف تُرَبة) بين الأمير فيصل بن سعود، ومُحمَّد علي بَاشا سنة (1230 هـ/ 1815م )، وكيفية احتلال قوات طُوسُون بَاشا لرنية وبيشة وتُرَبة سنة (1230هـ).
ثم وصف مُجريات، وحوادث سُقوط القصيم سنة (1230هـ/ 1815م). وكيف بدأت الأحداث بحصارِ الإمام عبدالله بن سعود لقواتِ طُوسُون بَاشا في الخبراء والرَّس. ثمَّ وقوع معركتي: قصر البعجاء، والشبيبة بين الإمام عبد الله بن سعود وقوات طُوسُون بَاشا سنة (1230هـ/ 1815م) وكيف أنَّ ميزان القوى تغير لصالح السُّعوديينَ وأسباب ذلك.
ثمَّ ذكر د. السلامات الحوادث التي أدَّت لسقوط الرَّس، بدايةً من نزول الإمام عبد الله بن سعود عند ماء الحجناوي بين عنيزة والرَّس سنة (1230هـ/ 1815م) ثمَّ صورت موقف أهل الرَّس من حملة طُوسُون بَاشا، وعوامل تسليمه له.
وشرح آليات وشروط صُلح الرَّس بين الإمام عبد الله بن سعود، وطُوسُون بَاشا سنة (1230 هـ/ 1815م)، ثمَّ تابعَ في تصوير حملة الإمام عبد الله بن سعود على الخبراء والبكيرية لمُناصرتهم لطُوسُون بَاشا ووقوفهم في صفه، وخُتمت تلك الملاحم الدَّفاعية بقصة سقوط الرَّس سنة (1230 هـ/ 1815م).
ثمَّ عرض في بحثه التَّاريخي الصورة الميدانية لعودة طُوسُون بَاشا إلى القاهرة سنة (1230 هـ/ 1815م) خائباً خاسراً عاجزاً عن تحقيق هدفه الكبير بإسقاط الدِّرْعيّة عاصمة الدَّولة السُّعودية الأولى.
وتحدث عن أسباب وفاته سنة (1230هـ/ 1815م).
وانهى د. السلامات كتابه بعرضٍ شيق لدور الإمام عبدالله بن سعود في الدِّفاع عن الدَّولة السُّعودية الأولى، وذَكرَ أهم أدواره القيادية وانتصاراته التاريخية على أعدائه في معارك البطولة والصمود والدِّفاع.
** **
- د . إسماعيل السلامات