على مدى السنوات الماضية التي تسبق انطلاق النسخة الأولى من مهرجان سمو ولي العهد للهجن الموسمي الذي يقام على أرضية ميدان الهجن بالطائف، لم نكن - رغم المطالب والآمال - أن تصل رياضة سباقات الهجن بهذه السرعة إلى ما هي عليه الآن، ففي كل سنة تقدم الكفاءات البشرية الوطنية حزمة من المنجزات في عالم رياضة الهجن، والتي جعلت من هذا المهرجان الكبير باسمه كبيرًا بما يقدمه لأحد عناصر التراث الوطني العريق، مما جعل هذا الحدث الرياضي يتحول إلى منتج ثقافي متكامل، ناهيك عن اللحمة الوطنية المحلية، بل الخليجية، بل العربية التي عزز نماءها هذا التجمع لأجل مهرجان سمو ولي العهد، حتى فتح منافذ التواصل مع العالم بشكل أوسع خارج النطاق العربي حيث استقطب عدد من الأسماء من مختلف دول العالم الذين لا يوجد لهم ارتباط مباشر سابقًا مع هذه الرياضة.
النجاحات التي يقودها فريق الاتحاد السعودي للهجن، هي نجاحات متوقعة، كون هذه الرياضة ترتبط ارتباطًا مباشرًا ووثيقًا بالهوية الثقافية الوطنية، والقائم على هذا الحدث هم أبناء الوطن الذي يحملون المعرفة من جانب التأهيل العلمي ومن جانب التعامل مع هذه الرياضة كموروث ثقافي منقول جيلاً بعد جيل، أوكلت إليهم المهمة، ومُنحوا الثقة، وقدم لهم الدعم، فجعلوا من منافسة دقائق داخل مضمار السباق حدثاً شاملاً على قرع أخفاف الإبل، وتحولت مدينة الطائف إلى وجهة للسياحة الثقافية على محور التراث غير المادي.
مشاركة هيئة الترفيه في قرية سنام، التي اتخذت موقعًا مميزًا في محيط ميدان الهجن بالطائف، وقدمت مزيجاً من الأنشطة الثقافية، واستخدام مسمى سنام المرتبط بالرفعة اصطلاحًا ولغوياً وانتماء هذه المفردة بشكل أساس بالجمل، خلقت تمازجًا لغويًا علاوة على الحدث الأصل، مما أسهم في توسيع نطاق الزيارة لمنطقة المهرجان، وخلقت مساراً آخر للأسرة والمهتمين بمثل هذه الأنشطة والفعاليات بعيداً عن سباق الهجن، ولكن في نطاق واحد.
هذا التكامل في تنوع عناصر الفعاليات الثقافية جعل من عروس المصايف وجهة للسياحة الثقافية إن صح التعبير، بل للتراث غير المادي، ونامل أن يشهد الموسم القادم لمهرجان سمو ولي العهد للهجن 2023 مشاركة شاملة لجميع الجهات ذات العلاقة لبناء موسم تراثي صيفي يعزز له سوق عكاظ وورد الطائف وتضاف إليه سياحة ما بعد العمرة.
** **
- مرضي بن سعد الخمعلي
@mardhisaadd