د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
دخلت صناعة الرقائق ضحية التوترات الجيوسياسية بين أمريكا والصين على نحو متزايد لمواجهة صعود الصين باعتبارها قوة تكنولوجية، خصوصا بعدما أعلنت شركة ماجاتشيب الكورية الجنوبية لأشباه الموصلات على مضض انتهاء عملية اندماجها المقترحة بقيمة 1.4 مليار دولار مع شركة وايز رود كابيتال الصينية المتخصصة في الأسهم، كما ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن عملاقي أشباه الموصلات الكوريين سامسونج إلكترونيكس وإس كيه هاينكس يعيدان تقييم استثماراتهما في الصين استجابة لحواجز الحماية الواردة في التشريع التي تحظر على الشركات التي حصلت على التمويل الفيدرالي الأمريكي في شكل منح أمريكية من خلال قانون الرقائق والعلوم البالغ 280 مليار دولار التوسع في الصين أو ترقية سعة الرقائق المتقدمة فيها لمدة عشرة أعوام، كما يتعرض المنافسون بما في ذلك تي إس إم سي التايوانية وشركتا إنتل وميكرون الأمريكيتان لصناعة الرقائق التي لديها جميعا عمليات تصنيع في الصين لضغوط لزيادة الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة بينما تجعل من الصعب على بكين الحصول على تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة.
إنتل تضع حجر الأساس لمصنعي رقائق وبايدن يتحدث عن إعادة بناء التصنيع الأمريكي، فالبيانات نفط العالم الجديد، والذكاء الاصطناعي كهرباؤه، خصوصا وهناك تحول جذري عالمي لإنتاج السيارات الكهربائية بديل عن الوقود وإن كان هو طريق مزروع بالمطبات، وحظرت كاليفورنيا بيع السيارات العاملة بالوقود عام 2035، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الأعضاء، في حين ترغب الصين في أن يكون نصف المركبات الجديدة على الأقل كهربائية أو هجينة أو عاملة بالهيدروجين بحلول التاريخ نفسه، كذلك السعودية وضعت حد أدنى لعدد السيارات الكهربائية في الرياض ما لا يقل عن 30 في المائة.
تعتبر بلومبيرغ أن السعودية عملاق قادم في مجال صناعة السيارات الكهربائية، حيث ينظر العالم إلى السعودية إلى حقبة أخرى من القوة الاقتصادية، إذ لديها القوة الكهربائية، وتملك المعادن المهمة للبطاريات، حيث قفزت أسعار الليثيوم المستخدم في البطاريات إلى 950 في المائة منذ مطلع 2021 لتبلغ 71.8 ألف دولار للطن، فيما كانت في 2020 نحو 6.8 ألف دولار للطن، وتحتكر إنتاج الليثيوم 4 دول تقدر 95.7 في المائة من إنتاج الليثيوم في العالم، وهي استراليا 52.3 في المائة، وتشيلي 24.5 في المائة، والصين 13.2 في المائة، والأرجنتين 5.6 في المائة، فيما تستحوذ الدول الأربع على احتياطيات بنحو 91، أيضا تمتلك السعودية مخزونات معدنية هائلة جاري الكشف عنها.
حيث تعتبر صناعة السيارات وأجزاؤها من الصناعات الواعدة التي تحظى باهتمام القيادة، وتعد من الصناعات المحورية التي لها دور كبير في دعم الصناعات المجاورة، خصوصا الصناعات الكيماوية والمعدنية التي تتماشى مع التغيرات السريعة والتحول التكنولوجي الذي تمر به صناعة السيارات في العالم، حيث لدى السعودية ميزة تنافسية، ليس فقط لخفض التكاليف، بل سيضمن على الفور أن تصبح السعودية جزءا رئيسيا من سلسلة تصنيع السيارات الكهربائية العالمية.
حيث أعلنت في مايو 2022 عن بدء شركة لوسيد للسيارات الكهربائية أعمال بناء مصنع متقدم لها في السعودية، وذلك بطاقة إنتاجية تبلغ 155 ألف سيارة سنويا، واستثمارات تزيد على 12.3 مليار ريال، وإنتاج 4 أنواع مختلفة من السيارات الكهربائية ابتداء من عام 2023، وسيصل المصنع لطاقته الاستيعابية الكاملة في 2028 البالغة 155 ألف سيارة، وتصدير ما يقارب 95 في المائة من إنتاجه.
حيث هناك مجمع عالمي في ينبع لمعالجة الليثيوم والمعادن الأخرى الذي يمكن أن ينتج 50 ألف طن متري سنويا من هيدروكسيد الليثيوم آحادي الهيدرات لمصنعي المعدات الأصلية والسيارات الكهربائية وخلايا البطاريات، لكي توفر سلاسل توريد صناعة السيارات الكهربائية مستقرة ومستقلة طويلة الأمد، على أن يدخل الإنتاج حيز التشغيل عام 2024، وإحداث تكامل بين احتياجات المنبع للصناعة حتى تطوير سلاسل التوريد وتوفير إمدادات معادن الليثيوم والنيكل وغيرهما من غرب استراليا لحين تطوير سلسلة التوريد السعودية، كما وقعت السعودية مذكرة تفاهم مع شركة يوكاجاوا اليابانية للبدء في إجراءات مستفيضة للبدء في تصنيع الرقائق الإلكترونية محليا، حيث لدى السعودية استراتيجية وطنية لتأهيل الكوادر البشرية في مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية لخدمة العديد من القطاعات منها التصنيع الدفاعي وصناعة السيارات والاقتصاد الرقمي الذي يمثل ربع الاقتصاد العالمي بحجم 23 تريليون دولار.
تستضيف الرياض خلال المدة من 13 - 15 سبتمبر 2022 أكبر حدث دولي في مجال الذكاء الاصطناعي يجتمع فيه نخبة من صانعي السياسات ورؤساء شركات التقنية والاتصالات والاستثمار في العالم، وذلك في أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بنسختها الثالثة التي تنظمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) بشعار الذكاء الاصطناعي لخير البشرية بغية صناعة الفرق نحو غد أفضل وبناء مستقبل قائم على البيانات والذكاء الاصطناعي في شتى مجالات الحياة لتصبح السعودية ضمن أفضل 15 دولة عالمية في مجال البيانات، مما يحتاج لتأهيل 25 ألف مختص وخبير في البيانات والذكاء الاصطناعي قبل عام 2030.