صبار عابر العنزي
انقسام شديد يزداد مع الوقت ضراوة بين جمعٍ من رويبضة هذا العصر الذين ينثرون بذاءاتهم اللفظية البغيضة على مرأى وأسماع من العالم دون حسيب أو رقيب, يقيّمون دولاً وقادة وشعوباً، وهم فاشلون في إدارة حياتهم وأسرهم الصغيرة...
لقد أضحى هذا العصر الذي غلف هؤلاء بما هم ليسوا أهلاً له، من أولئك الذين يبرزون من خلف الشاشات الدموية لا الفضية ويوسمون بأنهم من المفكرين والمثقفين وتجدهم يمارسون في حلبة صراع الديكة/ عبر المنابر الإعلامية نفض غبار جهلهم أمام الجميع باختلاف رؤاهم وما هذه الرؤى والاختلافات في المفاهيم إلا عمل يسير وفق منظومة وأجندة أعدت لهم وفق منظومات السيناريو السياسي المدروس...
وهذا لا يعني التعميم فأنا أعني البرامج التي يتجاوز فيها الضيف والمضيف آداب الحوار ولنأخذ قضية فكرية للتدليل (الحرية) تلك التي تقاذفتها ألسن العرب بحدة وشدة دون تحكيمٍ للعقل بعيداً عن العواطف والانفعالات الإنسانية حتى يكون عملهم خاضعاً لبديهيات الموضوعية والحياد...
فالمتغربون والمتطرفون فكراً يفصلون لنا الحياة والعالم وفق مبتغاهم وما يصلهم من توجيه، وللاختصار هناك رأي سائد عند الأغلبية أن (الحرية) قول وفعل لا يضر بالآخرين فهم لا يقيدوا الحرية إلا بمستوى الضرر.. فأضحت الحضارة الغربية والمستغربة داعية للمجون والفحش الفعلي والسلوكي ليس للمرأة فقط بل أصبح في بعض الدول إباحة الزنا واللواط ولهم كامل حقوقهم البهيمية لا الإنسانية...
وفي المقابل لا أريد أن أدخل في مفهوم الآخر المتطرف/ المتشدد الذي مارس الغلو ونظم مجموعاته وأثبت قوته فهذا يمكن أن يدخلك وفق منظومته المبرمجة في (معمعة) أنت في غنى عنها, والحرية اختصرها في السلوكيات الخاطئة وأهمل الجوانب الأخرى الأهم، بل إنه اجتهد في الأمور الخلافية بين علماء الأمة، وهو في نفس الوقت لا يقبل إلا صوته ورأيه، وأنا أدرك أن الدين له علماؤه ولكن هناك من تطفل ولبس ثيابهم وهو لا يملك مستواهم المعرفي، فأخذوا يتخبطون شمالاً ويميناً...!!
وللجميع أقول رأيي الحرية يا سادة نبتة إذا اهتممت بها وصنتها كانت صالحة والعكس إذا أهملتها كانت أكثر ضراوة ومضرة, فعلينا أن نهذب هذه النبتة ونشذبها ونضع لها السياج الحامي مع الأخذ بالاعتبار عدم إيذائها...!
أما (الطهبله) الإعلامية والتراشق بالماء واستخدام العضلات وشتم الناس بسبب فهم هذه الفاتنة/ الحرية بالخطأ فالحرية عيطموس مرهفة الحس كالربابة لها وتر واحد، عندما تعزف على هذا الوتر تلامس أحاسيس الآخرين بسهولة وييسر...
لهذا نجد أن حلم المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات يثير الجنس اللطيف ولكن هل تحقق هذا الحلم/ الحرية في أعرق دول الديموقراطية أقول لكم لا...
فالمرأة دخلها الوظيفي أقل وإجازتها أكثر ولا تعمل مثلما يعمل الرجل في المهن الصعبة بل إنها لا تستخدم الأماكن التي يستخدمها الرجل والعكس صحيح وإن تواجدت في الأماكن المهمة فعلى حياء يكون حضورها...!
وأنا هنا في هذه المقالة لا أريد إرهاق أبصاركم بحديث ممجوج ومكرر ولكني رأيت فهماً مغلوطاً للحرية، وأصبحت الفوضى تحت مظلة الحرية الخاطئة تستشري في هشيم ذواتنا دون أن نعلم خطورة ما يأتي وراءها من فعل، فهل نتعقل ونقنن تفكيرنا في الأشياء ونستحضر الخوف على مجتمعاتنا، ونقرأ ما وراء الحروف ونستشرف المعطيات الواضحة أمامنا...!
الخوف ليس على النفس أو المال بل العرض والأرض وقبل كل ذلك الدين.. يا سادتي قليل من التأني, أنصفوا أنفسكم, أجلسوا مع ضمائركم «إن صح التعبير» ابتعدوا عن آراء بعض المثقفين والمفكرين فهي لا تتحدث إلا بألسنة مراكز ودور الاستخبارات وآخر اهتمامات هؤلاء أنت في الوطن العربي...!
حياتك لا تعوض وممتلكاتك ومكتسباتك تعبت عليها أجيالاً, وصرفت عليها فلا تشارك أخي العربي بتدمير نفسك.. ثِقْ أن لحظة حرية حقيقية تعادل مفهوم حرية الانفتاح حرية تبيح الشذوذ حرية تصنع القنابل العنقودية والسموم لتبيد البشر...!